للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأُولى: أنَّ ابنَ القاسِمِ قالَ: لا يَجوزُ أنْ يُنبذَ البُسرُ المُذنَّبُ -وهو الذي بَدَا الإرطابُ في ذنَبِه-، وصدَقَ؛ لأنه مِنْ بابِ الخَليطينِ.

الثانيةُ: أنَّ مُحمدَ بنَ عبدِ الحَكمِ أجرَى النهيَ في الخَليطينِ على عُمومِه، حتى منَعَ منها في شَرابِ الطَّيبِ، وهذا جُمودٌ عَظيمٌ على الألفاظِ. انتهى (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه لا بأسَ بالخَليطينِ، وهو أنْ يُجمعَ ماءُ التَّمرِ وماءُ الزَّبيبِ أو الرُّطبِ أو البُسرِ المُجتمِعينِ ويُطبَخانِ أدنَى طَبخٍ، ويُعتبَرُ في طَبخِهما ذَهابُ الثُّلثينِ، ولا يُشترطُ الطبخُ؛ لِما رُويَ عن ابنِ زيادٍ أنه قالَ: سَقاني ابنُ عُمرَ شَربةً ما كِدتُ أهتدِي إلى مَنزلي، فغَدوتُ إليه مِنْ الغَدِ فأخبَرتُه بذلكَ فقالَ: ما زِدناكَ على عَجوةٍ وزَبيبٍ» (٢).

وهذا نَوعٌ مَنْ الخَليطينِ وكانَ مَطبوخًا؛ لأنَّ المَرويَّ عنه حُرمةُ نَقيعِ الزَّبيبِ وهو النَّيءُ منه، وما رُويَ أنه «نهَى عن الجَمعِ بينَ التَّمرِ والزَّبيبِ، والزَّبيبِ والرُّطبِ، والرُّطبِ والبُسرِ» مَحمولٌ على حالةِ الشِّدةِ، وكانَ ذلكَ في الابتداءِ في وَقتٍ كانَ بينَ المُسلمينَ ضِيقٌ وشِدةٌ في أمرِ الطعامِ؛ لئلَّا يَجمعَ بينَ الطَّعامينِ ويَتركَ جارَه جائِعًا، بل يأكلُ أحَدُهما


(١) «الاستذكار» (٨/ ١٨، ١٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٤٤)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٣١)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٢٨٨)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٣٠)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ١٥٠)، و «منح الجليل» (٢/ ٤٦٢، ٤٦٣).
(٢) رواه محمد بن الحسن في «الآثار» (١٠٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>