وإنْ كانَ الإمامُ ابنُ مُفلحٍ ﵀ ذكَرَ احتِمالًا بجَوازِ أخذِ العِوضِ على حدِّ القذفِ، فقدْ ذكَرَ قِصةً فقالَ: وذكرَ في مَجلسِ الوزيرِ ابنِ هُبيرةَ مِثله فاتَّفقَ الوَزيرُ والعُلماءُ على شيءٍ وخالَفَهم فقيهٌ مالكيٌّ، فقالَ الوَزيرُ: أحِمارٌ أنتَ؟! الكُلُّ يُخالفونَكَ وأنتَ مُصرٌّ، ثمَّ قالَ الوزيرُ: لِيَقلْ لي كما قلتُ له، فمَا أنا إلا كأحَدِكم، فضَجَّ المَجلسُ بالبُكاءِ وجعَلَ المالِكيُّ يقولُ: أنا أَولى بالاعتِذارِ، والوزيرُ يقولُ: القِصاص، فقالَ يُوسفُ الدِّمشقيُّ الشافِعيُّ -وقد تَولَّى درْسَ النِّظاميةِ-: إذا أبَى القِصاصَ فالفداءُ، فقالَ الوزيرُ: له حُكمُه، فقالَ الرَّجلُ: نِعَمُكَ عليَّ كثيرةٌ، قالَ: لا بُدَّ، قالَ: عليَّ دَينٌ مائةُ دينارٍ، فقالَ الوزيرُ: يُعطَى مِائةً لإبراءِ ذمَّتِه ومائةً لإبراءِ ذمَّتِي، ذكَرَه ابنُ الجَوزيِّ في تاريخِه، فدَلَّ على مُوافَقتِه.
قالَ ابنُ مُفلحٍ: وقد يُؤخَذُ منه الصلحُ بمالٍ على حَقِّ آدَميٍّ كحدِّ قَذفٍ وسَبٍّ (١).
(١) «الفروع» (٦/ ١١٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute