للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إنْ كانَ لأحَدِ هَؤلاءِ ولَدٌ يُريدُ نفْيَه فقالَ القاضِي: لهُ أنْ يُلاعِنَ لِنَفيِه، وهَذا قولُ الشَّافعيِّ، وهوَ ظاهِرُ كَلامِ أحمَدَ في الأمَةِ والكِتابيَّةِ، سواءٌ كانَ لهُما ولَدٌ أو لم يَكنْ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : الفَصلُ الرَّابعُ في حُكمِ نُكولِ أحدِهِما أو رُجوعِه.

فأمَّا إذا نكَلَ الزَّوجُ فقالَ الجُمهورُ: إنه يُحَدُّ، وقالَ أبو حَنيفةَ: إنَّه لا يُحَدُّ ويُحبَسُ.

وحُجَّةُ الجُمهورِ: عُمومُ قَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ الآيَة [النور: ٤]، وهذا عامٌّ في الأجنَبيِّ والزَّوجِ، وقَدْ جعَلَ الالتِعانَ للزَّوجِ مَقامَ الشُّهودِ، فوجَبَ إذا نكَلَ أنْ يَكونَ بمَنزلةِ مَنْ قذَفَ ولَم يَكنْ لهُ شُهودٌ، أعنِي أنَّه يُحَدُّ، وما جاءَ أيضًا مِنْ حَديثِ ابنِ عُمرَ وغَيرِه في قِصَّةِ العَجْلانِيِّ مِنْ قَولِه : «إنْ قَتَلتُ قُتِلتُ، وإنْ نَطقتُ جُلِدتُ، وإنْ سَكتُّ سَكتُّ على غَيظِ».

واحتَجَّ الفَريقُ الثاني بأنَّ آيةَ اللِّعانِ لم تَتضمَّنْ إيجابَ الحَدِّ عليهِ عندَ النُّكولِ، والتَّعريضُ لإيجابِه زِيادةً في النَّصِّ، والزيادةُ عندَهم نَسخٌ، والنسخُ


(١) «المغني» (٨/ ٤٨، ٤٩)، ويُنظَر: «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٠٧، ٥٠٨)، و «المعونة» (١/ ٦١١، ٦١٢)، و «القوانين الفقهية» ص (١٦٢)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٥٢)، و «البيان» (١٠/ ٤٠٤، ٤٠٦)، و «جواهر العقود» (٢/ ١٤١)، و «الإفصاح» (٢/ ١٩١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٦٣، ٥٦٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٥٤، ٤٥٥)، و «منار السبيل» (٣/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>