للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوى أبو داوُدَ بإسنادِه عن جابرٍ قالَ: جاءَتِ اليَهودُ برَجلٍ منهُم وامرأةٍ زنَيَا، فقالَ النبيُّ : «ائتُوني بأعلَمِ رَجلَينِ مِنكُم، فأَتوهُ بابنَي صُوريَّا، فنشَدَهما: كيفَ تَجِدانِ أمْرَ هذَينِ في التَّوراةِ؟ قالا: نَجدُ في التوراةِ إذا شَهدَ أربعةٌ أنهم رَأَوا ذكَرَه في فَرجِها مثلَ المِيلِ في المكحلةِ رُجِمَا، قالَ: فما يَمنعُكم أنْ تَرجُموهُما؟ قالا: ذهَبَ سُلطانُنا وكَرهْنا القتلَ، فدعا رَسولُ اللهِ بالشُّهودِ، فجاءَ أربعةٌ فشَهدُوا أنهم رَأَوا ذكَرَه في فَرجِها مثلَ المِيلِ في المكحلةِ، فأمَرَ النبيُّ برَجمِهِما» (١).

ولأنهم إذا لم يَصِفُوا الزنا احتُملَ أنْ يكونَ المَشهودُ به لا يُوجِبُ الحَدَّ، فاعتُبِرَ كشفُه.

قالَ بعضُ أهلِ العِلمِ: يَجوزُ للشُّهودِ أنْ يَنظُروا إلى ذلكَ منهُما لإقامةِ الشهادةِ عليهِما؛ ليَحصلَ الرَّدعُ بالحَدِّ، فإنْ شَهدُوا أنهُم رَأَوا ذكَرَه قد غيَّبَه في فَرجِها كفى، والتَّشبيهُ تأكيدٌ.

وأمَّا تَعيينُهم المَزنِيَّ بها أو الزانِيَ إنْ كانَتِ الشَّهادةُ على امرأةٍ ومكانَ الزنا فذكَرَ القاضي أنه يُشترطُ؛ لئلَّا تكونَ المَرأةُ ممَّن اختُلفَ في إباحتِها، ويُعتبَرُ ذِكرُ المَكانِ؛ لئلَّا تكونَ شَهادةُ أحَدِهم على غيرِ الفعلِ الذي شَهدَ به الآخَرُ، ولهذا سأَلَ النبيُّ ماعِزًا فقالَ: «إنكَ أقرَرْتَ أربعًا، فبِمَن؟».

وقالَ ابنُ حامِدٍ: لا يُحتاجُ إلى ذِكرِ هذَينِ؛ لأنه لا يُعتبَرُ ذِكرُهما في الإقرارِ ولم يَأتِ ذِكرُهما في الحَديثِ الصَّحيحِ، وليسَ في حديثِ الشهادةِ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>