للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَتِ الرابِعةُ قالَ له رسولُ اللهِ : فيمَ أُطهِّرُكَ؟ فقالَ: مِنْ الزِّنى، فسَألَ رسولُ اللهِ : أبِهِ جُنونٌ؟ فأُخبِرَ أنه ليسَ بمَجنونٍ، فقالَ: أشَرِبَ خَمرًا؟ فقامَ رَجلٌ فاسْتَنْكَهَهُ فلمْ يَجِدْ منه ريحَ خَمرٍ، قالَ: فقالَ رُسولِ اللهِ : أزَنَيتَ؟ فقالَ: نعمْ، فأمَرَ به فرُجِمَ … » (١).

ولأنه سَببٌ يُثبِتُ حَدَّ الزنا، فوجَبَ أنْ يَكونَ العَددُ مِنْ شَرطِه كالشَّهادةِ، ولأنَّ الزنا لمَّا غلظَ بزِيادةِ الشَّهادةِ على سائِرِ الشهاداتِ وجَبَ أنْ يغلظَ بزِيادةِ الإقرارِ على سائرِ الإقراراتِ.

ولا يُشترطُ عندَ الحَنابلةِ أنْ يكونَ الإقرارُ في مَجالسَ، فلو أقَرَّ أربَعَ مرَّاتٍ في مَجلسٍ واحدٍ كَفى؛ لأنَّ ماعِزًا أقَرَّ هكذا، ويَجوزُ أيضًا في مَجالسَ مُتفرِّقةٍ (٢).

وأمَّا الحَنفيةُ فاشتَرطُوا أنْ يكونَ الإقرارُ بالزِّنا أربَعَ مرَّاتٍ في أربَعةِ مَجالِسَ مِنْ مَجالِسِ المُقِرِّ، كلَّما أقَرَّ رَدَّه القاضي حتَّى يَتَوارَى منه، ويَنبغِي للقاضي أنْ يَزجرَه عن الإقرارِ ويُظهِرَ له كَراهةَ ذلك ويَأمرَ بتَنحِيتِه عنه، فإنْ عادَ ثانيًا فعَلَ به كذلك، فإنْ عادَ ثالثًا فعَلَ به كذلك، فإنْ أقَرَّ أربَعَ مرَّاتٍ في مَجلسٍ واحدٍ فهو بمَنزلةِ إقرارٍ واحدٍ (٣).


(١) رواه مسلم (١٦٩٥).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٢٥٥)، و «المغني» (٩/ ٦٠، ٦١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٠٨)، و «المبدع» (٩/ ٧٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٢٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ١٩٢)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ١٨٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٣١٠).
(٣) «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢٨٣)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٢٢٠)، و «الاختيار» (٤/ ٩٧)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣١٧، ٣١٩)، و «اللباب» (٢/ ٢٩٥، ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>