للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للطَّبخِ أو الخَبزِ ثم زنَى بها؛ وهذا لأنَّ مَحلَّ الاستئجارِ مَنفعةٌ لها حُكمُ الماليةِ، والمُستوفَى بالوطءِ في حُكمِ العِتقِ، وهو ليسَ بمالٍ أصلًا، والعقدُ بدُونِ مَحلِّه لا يَنعقدُ أصلًا، فإذا لم يَنعقدْ به كانَ هو والإذنُ سواءً، ولو زنَى بها بإذنِها يَلزمُه الحدُّ؛ لعُمومِ الآيةِ والأخبارِ، ووُجودُ الإجارةِ كعَدمِها، ولأنه وَطءٌ في غيرِ مِلكٍ، أشبَهَ ما لو كانَ له عليها دَينٌ، وتغيُّرُ الحالِ لا يُسقِطُ الحَدَّ كما لو ماتَتْ أو زنَى بامرأةٍ له عليها القِصاصُ؛ لأنَّ استِحقاقَ قتلِها لا يُوجِبُ إباحةَ وَطئِها، فلا تؤثِّرُ فيه شبهةٌ، فوجَبَ أنْ يجبَ الحدُّ؛ عَملًا بالنصوصِ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واختَلفُوا فيمَن استأجَرَ امرأةً ليزنِيَ بها ففعَلَ؟ فقالَ الشافعيُّ ومالكٌ وأحمَدُ: عليهِ الحدُّ، وقالَ أبو حنيفةَ: لا حَدَّ عليهِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإذا استأجَرَ امرأةً لعَملِ شيءٍ فزنَى بها أو استأجَرَها ليزنِيَ بها وفعَلَ ذلكَ أو زنَى بامرأةٍ ثمَّ تزوَّجَها أو اشتِراها فعَليهِما الحدُّ، وبه قالَ أكثرُ أهلِ العِلمِ.


(١) «المبسوط» (٩/ ٥٨)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ١٤٩)، و «فتاوى السغدي» (٢/ ٦٣٢)، و «الاختيار» (٤/ ١٠٧)، و «درر الحكام» (٥/ ٣٠٦)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٨١)، و «المهذب» (٢/ ٢٦٨)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٥٩)، و «شرح السنة» (١٠/ ٣٠٥، ٣٠٦)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٢٢)، و «المبدع» (٩/ ٧٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٢٥، ١٢٦).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>