للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ عادَ فارتَدَّ فحُكمُه كذلك، وهكذا أبدًا؛ لأنَّا إنما نَحكمُ بالظاهرِ، وكانَ يَقبلُ مِنْ المُنافقِينَ ظاهِرَ الإسلامِ، ولأنَّ تَوبتَه قُبلَتْ أولَ مرَّةٍ بإظهارِ الإسلامِ، وأنه مَوجودٌ فيما بعدُ فتُقبَلُ.

قالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : تَوبتُه: أنْ يأتِيَ بكَلمةِ الشهادةِ ويَتبَرَّأَ عنِ الأديانِ كلِّها سِوى الإسلامِ أو يَتبَرأَ عمَّا كانَ انتَقلَ إليه، فإنَّ تَمامَ الإسلامِ مِنْ اليَهوديِّ التبَرِّي عن اليَهوديةِ، ومِن النصرانِيِّ التبَرِّي عن النَّصرانيةِ، ومِن المُرتدِّ التبَرِّي عن كُلِّ مِلَّةٍ سِوى الإسلامِ؛ لأنه ليسَ للمُرتدِّ مِلةُ مَنفعةٍ، وإنْ تبَرَّأَ عمَّا انتَقلَ إليه فقدْ حصَلَ ما هو المَقصودُ، فإنِ ارتَدَّ ثانيًا وثالثًا فكذلكَ يُفعلُ به في كلِّ مرَّةٍ، فإذا أسلَمَ خُليَ سَبيلُه؛ لقَولِه تعالَى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥] (١).

وقال أيضًا: تَوبةُ المُرتدِّ: بالإقرارِ بكَلمةِ الشهادتَينِ والتبَرِّي عما كانَ انتَقلَ إليهِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إسلامُ الكافرِ الأصليِّ والمُرتدِّ سَواءٌ، ويُنظرُ فيه:

فإنْ كانَ لا تأويلَ له في كُفرِه مثلَ عَبدةِ الأوثانِ .. فيَكفيهِ في الإسلامِ أنْ يأتِيَ بالشهادتَينِ؛ لقَولِه : «فإذا قالُوها .. عَصَموا منِّي دِماءَهم وأموالَهم إلا بحَقِّها».


(١) «المبسوط» (١٠/ ٩٩)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٢٥٣).
(٢) «المبسوط» (١٠/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>