للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائِشةَ قُتلَ، قيلَ له: لِمَ؟ قالَ: مَنْ رماها فقدْ خالَفَ القُرآنَ، ولأنَّ اللهَ تعالى قالَ: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧)[النور: ١٧].

وقالَ أبو بَكرٍ بنُ زِيادٍ النَّيسابوريُّ: سَمعتُ القاسمَ بنَ مُحمدٍ يقولُ لإسماعِيلَ بنِ إسحاقَ: أُتِيَ المأمونُ بالرَّقةِ برَجلينِ شتَمَ أحَدُهما فاطِمةَ والآخَرُ عائِشةَ، فأمَرَ بقتلِ الذي شتَمَ فاطِمةَ وترَكَ الآخَرَ، فقالَ إسماعيلُ: ما حُكمُهما إلا أنْ يُقتَلَا؛ لأنَّ الذي شتَمَ عائِشةَ رَدَّ القُرآنَ، وعلى هذا مَضتْ سِيرةُ أهلِ الفِقهِ والعلمِ مِنْ أهلِ البيتِ وغيرِهم …

وأما مَنْ سَبَّ غيرَ عائِشةٍ مِنْ أزواجِه ففيهِ قولانِ:

أحَدُهما: أنه كسَابِّ غيرِهنَّ مِنْ الصحابةِ على ما سَيأتي.

والثَّاني -وهو الأصَحُّ-: أنَّ مَنْ قذَفَ واحِدةً مِنْ أمَّهاتِ المُؤمنينَ فهو كقَذفِ عائِشةَ ، وقد تَقدَّمَ معنَى ذلكَ عن ابنِ عبَّاسٍ؛ وذلكَ لأنَّ هذا فيه عارٌ وغَضاضةٌ على رسولِ اللهِ وأذًى له أعظَمَ مِنْ أذاهُ بنِكاحِهنَّ بعدَه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ كَثيرٍ : وفيها -أي سنَةَ إحدَى وأربَعينَ ومِائتينِ- أمَرَ الخَليفةُ المُتوكِّلُ على اللهِ بضَربِ رَجلٍ مِنْ أعيانِ أهلِ بغدادَ يُقالُ له عِيسى بنُ جَعفرِ بنِ مُحمدِ بنِ عاصِمٍ، فضُربَ ضَربًا شَديدًا مُبرحًا يُقالُ: إنه ضُربَ ألفَ سَوطٍ حتى ماتَ؛ وذلك أنه شَهدَ عليه سَبعةَ عشَرَ رَجلًا عند قاضي الشرقيةِ أبي حسَّانَ الزِّياديِّ أنه يَشتمُ أبا بَكرٍ وعُمرَ وعائِشةَ


(١) «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (٣/ ١٠٥٠، ١٠٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>