تَحريمَه كما يَشربُ الخَمرَ مَنْ يَعتقدُ تَحريمَها، وإنْ قالَ بعضُ وَرثتِه:«أكَلَه مُستحِلًّا له» أو أقَرَّ بردَّتِه حَرُمَ مِيراثُه؛ لأنه مُقِرٌّ بأنه لا يَستحِقُّه، ويُدفَعُ إلى مُدَّعي إسلامِه قَدرُ مِيراثِه؛ لأنه لا يدَّعِي أكثرَ منه، ويُدفَعُ الباقي إلى بيتِ المالِ؛ لعَدمِ مَنْ يَستحقُّه، فإنْ كانَ في الوَرثةِ صَغيرٌ أو مَجنونٌ دُفعَ إليه نَصيبُه ونَصيبُ المُقِرِّ بردَّةِ المَوروثِ؛ لأنه لم تَثبتْ ردَّتُه بالنسبةِ إليهِ.
فَصلٌ: ومَن أُكرِهَ على كَلمةِ الكُفرِ فالأفضلُ له أنْ يَصبِرَ ولا يَقولَها وإنْ أتَى ذلكَ على نَفسِه؛ لِما رَوى خبَّابٌ عن رَسولِ اللهِ ﷺ قالَ:«إنْ كانَ الرَّجلُ مِنْ قَبلِكم لَيُحفرُ له في الأرضِ فيُجعلُ فيها، فيُجاءُ بمِنشارٍ فيُوضَعُ على شِقِّ رأسِه ويُشَقُّ باثنينِ ما يَمنعُه ذلكَ عن دِينِه، ويُمشَطُ بأمشاطِ الحَديدِ ما دُونَ عَظمِه مِنْ لَحمٍ ما يَصرفُه ذلكَ عن دِينِه»، وجاءَ في تَفسيرِ قَولِه تَعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧)﴾ [ا البروج: ٤ - ٧] أنَّ بعضَ مُلوكِ الكفَّارِ أخَذَ قومًا مِنْ المُؤمنينَ فخَدَّ لهُم أُخدودًا في الأرضِ وأوقَدَ فيه نارًا، ثم قالَ: مَنْ لم يَرجعْ عن دِينِه فألقُوهُ في النارِ، فجَعَلوا يُلقُونَهم فيها، حتى جاءَتِ امرأةٌ على كَفِّها صبيٌّ لها فتقاعَسَتْ مِنْ أجْلِ الصبيِّ، فقالَ الصبيُّ: يا أُمَّه اصبِري فإنكِ على الحَقِّ، فذكَرَهم اللهُ تعالَى في كتابِه.
ورَوى الأثرمُ عن أبي عبدِ اللهِ أنه سُئلَ عن الرَّجلِ يؤسَرُ فيُعرَضُ على الكُفرِ ويُكرَهُ عليه، ألَهُ أنْ يَرتدَّ؟ فكَرهَه كَراهةً شديدةً وقالَ: ما يُشبِهُ هذا عندِي الذينَ أُنزلَتْ فيهم الآيةُ مِنْ أصحابِ النبيِّ ﷺ، أولئكَ كانوا يُرادُونَ