للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : وأجمَعَ كلُّ مَنْ يُحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ في الجَنينِ يَسقطُ حَيًّا مِنْ الضربِ الدِّيةَ كاملةً.

وممَّا أجمَعُوا عليهِ أنَّ الجَنينَ إذا ضُربَ بَطنُ أمِّه فألقَتْه حَيًّا ثم ماتَ بقُربِ خُروجِه وعُلمَ أنَّ موتَه كانَ مِنْ الضَّربةِ وما فُعلَ به وبأمه ففيهِ الدِّيةُ كامِلةً، وأنه يُعتبَرُ في ذلكَ الذَّكرُ والأُنثى، وعلى هذا جَماعةُ فُقهاءِ الأمصارِ.

والعُلماءُ مُجمِعونَ على أنَّ الجَنينَ إذا خرَجَ عَقيبَ الضَّربةِ أو بسَببِها ثم ماتَ مكانَه أنَّ فيه الدِّيةَ كامِلةً، وإنْ لم يَمتْ مكانَه فالقَولِ قولُ العاقِلةِ أنه ماتَ مِنْ غيرِ جِنايةٍ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : إذا انفَصلَ حيًّا ثم ماتَ فيَجبُ فيه كمالُ دِيةِ الكَبيرِ، فإنْ كانَ ذَكرًا وجَبَ مِائةُ بَعيرٍ، وإنْ كانَ أُنثى فخَمسونَ، وهذا مُجمعٌ عليهِ، وسَواءٌ في هذا كلِّه العَمدُ والخَطأُ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما صِفةُ الجَنينِ الذي تَجبُ فيه فإنهُم اتَّفقوا على أنَّ مِنْ شُروطِه أنْ يَخرجَ الجَنينُ مَيتًا ولا تَموتَ أمُّه مِنْ الضَّربِ.

واختَلفُوا إذا ماتَتْ أمُّه مِنْ الضَّربِ ثم سقَطَ الجَنينُ مَيتًا، فقالَ الشافِعيُّ ومالكٌ: لا شَيءَ فيهِ، وقالَ أشهَبُ: فيه الغُرةُ، وبه قالَ الليثُ ورَبيعةُ والزُّهريُّ.


(١) «الإقناع» (٢/ ٢٩٦، ٢٩٧).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>