للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما في يَدِه يَنبغي أنْ يَكونَ ما صَغُرَ مِنْ جِراحِها هكذا، فلما كانَ هذا مِنْ الأمورِ التي لا يَجوزُ لأحَدٍ أنْ يُخطئَ بها مِنْ جهةِ الرَّأيِ وكانَ ابنُ المُسيِّبِ يَقولُ: «في ثَلاثِ أصابعِ المَرأةِ ثَلاثونَ، وفي أربَعٍ عِشرونَ» ويقالَ له: «حينَ عَظُمَ جُرحُها نَقصَ عَقلُها! فيَقولُ: هي السُّنةُ» وكانَ يَروِي عن زَيدِ بنِ ثابتٍ أنَّ المَرأةَ تُعاقِلُ الرَّجلَ إلى ثُلثِ ديَةِ الرَّجلِ ثم تكونُ على النِّصفِ مِنْ عَقلِه؛ لم يَجُزْ أنْ يُخطئَ أحَدٌ هذا الخَطأَ مِنْ جِهةِ الرَّأيِ؛ لأنَّ الخَطأَ إنما يَكونُ مِنْ جِهةِ الرَّأيِ فيما يُمكِنُ مِثلُه، فيكونُ رَأيٌ أصَحَّ مِنْ رأيٍ، فأما هذا فلا أحسَبُ أحَدًا يُخطِئُ بمِثلِه إلا اتِّباعًا لمَن لا يُجوِّزُ خِلافَه عندَه، فلمَّا قالَ ابنُ المُسيِّبِ: «هي السُّنةُ» أشبَهَ أنْ يكونَ عن النبيِّ أو عن عامَّةٍ مِنْ أصحابِه، ولم يُشبهْ زَيدٌ أنْ يَقولَ هذا مِنْ جِهةِ الرَّأيِ؛ لأنه لا يَحتملُه الرأيُ.

فإنْ قالَ قائلٌ: فقدْ يُروَى عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ خِلافُه.

قيلَ: فلا يَثبتُ عن عَليٍّ ولا عن عُمرَ، ولو ثبَتَ كانَ يُشبهُ أنْ يكونَا قالَاهُ مِنْ جِهةِ الرأيِ الذي لا يَنبغي لأحَدٍ أنْ يَقولَ غيرَه، فلا يكونُ قِلةَ عِلمٍ مِنْ قِبلِ أنَّ كلَّ أحَدٍ يَعقلُ ما قالَا إذا كانَتِ النفسُ على نِصفِ عَقلِ نفسِه واليَدُ كانَ كذلكَ ما دونَهما، ولا يَكونُ فيما قالَ سَعيدٌ السُّنةُ إذا كانَتْ تُخالِفُ القِياسِ والعَقلَ، إلا عن عِلمِ اتِّباعٍ فيما نَرَى، واللهُ تعالَى أعلَمُ.

وقد كُنَّا نقولُ به على هذا المعنَى، ثم وقَفْتُ عنه، وأسأَلُ اللهَ تعالَى الخِيرةَ مِنْ قِبلِ أنَّا قد نَجِدُ منهُم مَنْ يَقولُ: «السُّنةُ» ثمَّ لا نَجدُ لقَولِه: «السُّنة»

<<  <  ج: ص:  >  >>