واختارُه ابنُ المُنذِرِ- إلى أنَّ المَرأةَ لا تُساوِي الرَّجلَ في شَيءٍ مِنْ الجِراحِ، بل جِراحُها على النِّصفِ مِنْ جِراحِه في القَليلِ والكَثيرِ؛ لأنها جِنايةٌ على حُرةٍ، فكانَ الواجِبُ فيها نِصفَ ما يَجبُ على الرَّجلِ الحُرِّ، أصلُه إذا زادَتْ على الثلثِ.
ولأنها جِنايةٌ لو زادَتْ على الثُّلثِ اعتُبِرتْ بالنَّفسِ، فإذا نقصَتْ مِنْ الثُّلثِ اعتُبِرتْ بالنَّفسِ كالجِنايةِ على الرَّجلِ، ولأنَّ زِيادةَ الجِنايةِ لها تَأثيرُ العَدمِ، وعندَهُم لو قطَعَ ثَلاثةَ أصابعَ مِنْ المَرأةِ وجَبَ لها ثَلاثونَ مِنْ الإبلِ، فإذا قطَعَ أربعًا وجَبَ عليهِ عِشرونَ، فيَصيرُ لزِيادةِ الجِنايةِ تَأثيرٌ في نُقصانِ الأرشِ، وهذا خِلافُ الأصولِ.
ولأنَّ نقْصَ الأُنوثةِ لمَّا منَعَ مِنْ مُساواةِ الرَّجلِ في ديَةِ النَّفسِ كانَ أَولى أنْ يَمنعَ مِنْ مُساواتِه فيما دونَها مِنْ ديَاتِ الأطرافِ والجِراحِ؛ لأنَّ ديَةَ النَّفسِ أغلَظُ؛ اعتِبارًا بالمُسلمِ مع الكافرِ، ولأنه لمَّا كانَ القِصاصُ فيما دُونَ النَّفسِ مُعتبَرًا بالقِصاصِ في النَّفسِ وجَبَ أنْ تَكونَ الدِّيةُ فيما دُونَ النَّفسِ مُعتبَرةً بديَةِ النَّفسِ، وهيَ فيه على النصفِ، فكذلكَ فيما دونَها.