للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِواياتٌ: أظهَرُها: فيها ثلثُ الديةِ، وعن أحمَدَ رِوايةٌ: فيها حُكومةٌ، كمَذهبِ الجَماعةِ، وعن أحمَدَ رِوايةٌ ثالثةٌ: أنَّ في ذَكرِ الخَصيِّ والعِنينِ الديَةَ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على القصاصِ في العَينِ، وممَّن بلَغَنا قولُه في ذلكَ مَسروقٌ والحَسنُ وابنُ سِيرينَ والشَّعبيُّ والنَّخعيُّ والزُّهريُّ والثوريُّ ومالِكٌ والشافِعيُّ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرأيِ، ورُويَ عن عليٍّ ، والأصلُ فيه قولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنها تَنتهي إلى مَفصلٍ، فجَرى القِصاصُ فيها كاليَدِ، وتُؤخذُ عَينُ الشابِّ بعَينِ الكَبيرِ المَريضةِ، وعَينُ الصَّغيرِ بعَينِ الكَبيرِ والأعمَشِ، ولا تُؤخذُ صَحيحةٌ بقائِمةٍ؛ لأنه يأخُذُ أكثرَ مِنْ حقِّه.

فَصلٌ: فإنْ قلَعَ عيْنَه بأصبعِه لم يَجزْ أنْ يَقتصَّ بأصبعُه؛ لأنه لا يُمكنُ المُماثلةُ فيه، وإنْ لطَمَه فذهَبَ ضَوءُ عَينِه لم يَجُزْ أنْ يَقتصَّ منه باللَّطمةِ؛ لأنَّ المُماثلةَ فيها غيرُ مُمكِنةٍ، ولهذا لو انفَردَتْ مِنْ إذهابِ الضَّوءِ لم يَجبْ فيها قِصاصٌ، ويَجبُ القِصاصُ في البَصرِ، فيُعالَجُ بما يَذهبُ ببَصرِه مِنْ غيرِ أنْ يقلعَ عَينهُ، كما رَوى يَحيى بنُ جعدةَ «أنَّ أعرابيًّا قَدِمَ بحَلوبةٍ له إلى المَدينةِ فساوَمَه فيها مولًى لعُثمانَ بنِ عفَّانَ فنازَعَه فلطَمَه ففقَأَ عيْنَه، فقالَ له عُثمانُ: هل لكَ أنْ أضعِفَ لك الديَةَ وتَعفوَ عنه؟ فأبى، فرفَعَهُما إلى عليٍّ فدعَا عليٌّ بمِرآةٍ فأحماهَا ثم وضَعَ القُطنَ على عَينِه الأخرَى ثمَّ أخَذَ المرآةَ بكلبتَينِ فأدناها مِنْ عَينِه حتَّى سالَ إنسانُ عَينِه»، وإنْ وضَعَ فيها كافورًا


(١) «الإفصاح» (٢/ ٢٣٨، ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>