للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ بعضُ أصحابِه: «لا قِصاصَ فيها؛ لأنه لا يُقدَّرُ فيها»، وليسَ بصَحيحٍ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنه أمكَنَ استيفاؤُها بغيرِ حَيفٍ ولا زِيادةٍ؛ لانتِهائِها إلى عَظمٍ، فهي كالمُوضحةِ، والتقديرُ في المُوضحةِ ليس هو المُقتضي للقِصاصِ ولا عَدمُه مانِعًا، وإنما كانَ التقديرُ في المُوضحةِ لكَثرةِ شَينِها وشَرفِ مَحلِّها، ولهذا ما قُدِّرَ ما فوقَها مِنْ شِجاجِ الرأسِ والوجهِ، ولا قِصاصَ فيه، وكذلكَ الجائفةُ أرشُها مُقدَّرٌ لا قِصاصَ فيه (١).

وقالَ أيضًا: فإنْ كانَ مِنْ غيرِ مَفصلٍ فلا قِصاصَ فيه مِنْ مَوضعِ القَطعِ بغيرِ خِلافٍ نَعلمُه، وقد رَوى نَمرُ بنُ جابرٍ عن أبيه «أنَّ رَجلًا ضرَبَ رَجلًا على ساعِدِه بالسيفِ فقطَعَها مِنْ غيرِ مَفصلٍ، فاستَعدَى عليهِ النبيَّ ، فأمَرَ له بالدِّيةِ، قالَ: إني أريدُ القِصاصَ، قالَ: خُذِ الديَةَ بارَكَ اللهُ لكَ فيها، ولم يَقْضِ له بالقِصاصِ» (٢) رواهُ ابنُ ماجَه (٣).

وفيها نِصفُ عُشرِ دِيةِ صاحِبها، ففيها لحُرِّ ذَكرٍ مُسلمٍ غيرِ جَنينٍ خَمسةُ أبعِرةٍ، فتُراعَى هذه النِّسبةُ في حَقِّ غَيرِه مِنْ المَرأةِ والكِتابيِّ وغيرِهما، ويَجبُ ذلكَ على العاقِلةِ في الخطأِ، وإنْ أدَّى مِنْ الإبلِ أدَّى في مُوضِحةِ


(١) «المغني» (٨/ ٢٥٢).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٦٣٦).
(٣) «المغني» (٨/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>