للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوَجهِ؛ وذلكَ لأنَّ اللهَ تعالَى أوجَبَ القِصاصَ في الجُروحِ، فلو لم يَجبْ هاهُنا لَسقَطَ حُكمُ الآيةِ، وفي مَعنَى المُوضِحةِ كلُّ جُرحٍ يَنتهي إلى عَظمٍ فيما سِوى الرَّأسِ والوجهِ، كالساعِدِ والعَضدِ والساقِ والفَخذِ في قَولِ أكثرِ أهلِ العِلمِ، وهو مَنصوصُ الشافِعيِّ.

وقالَ بعضُ أصحابِه: «لا قِصاصَ فيها؛ لأنه لا يُقدَّرُ فيها»، وليسَ بصَحيحٍ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنه أمكَنَ استِيفاؤُها بغيرِ حَيفٍ ولا زِيادةٍ؛ لانتِهائِها إلى عَظمٍ فهيَ كالمُوضِحةِ، والتقديرُ في المُوضِحةِ ليسَ هو المُقتضي للقِصاصِ ولا عَدمُه مانِعًا، وإنما كانَ التقديرُ في المُوضحةِ لكَثرةِ شَينِها وشَرفِ مَحلِّها، ولهذا ما قُدِّرَ ما فوقَها مِنْ شِجاجِ الرأسِ والوجهِ، ولا قِصاصَ فيه، وكذلكَ الجائِفةُ أرشُها مُقدَّرٌ لا قِصاصَ فيه (١).

وقالَ أيضًا: فإنْ كانَ مِنْ غيرِ مَفصلٍ فلا قِصاصَ فيه مِنْ مَوضعِ القَطعِ بغيرِ خِلافٍ نَعلمُه، وقد رَوى نَمرُ بنُ جابرٍ عن أبيه «أنَّ رَجلًا ضرَبَ رَجلًا على ساعِدِه بالسيفِ فقطَعَها مِنْ غيرِ مَفصلٍ، فاستَعدَى عليهِ النبيَّ ، فأمَرَ له بالدِّيةِ، قالَ: إني أريدُ القِصاصَ، قالَ: «خُذِ الدِّيةَ بارَكَ اللهُ لكَ فيها، ولم يَقْضِ له بالقِصاصِ» (٢). رواهُ ابنُ ماجَه (٣).


(١) «المغني» (٨/ ٢٥٢)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٩٧، ٢٩٨).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٦٣٦).
(٣) «المغني» (٨/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>