للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ القِصاصَ بينَ الرِّجالِ والنساءِ في الجِراحاتِ كما هو في النَّفسِ.

لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] إلى قَولِه: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾، فكانَ على عُمومِه، ولأنَّ كلَّ شَخصينِ جَرَى القِصاصُ بينَهُما في النفسِ جَرَى في الأطرافِ كالرَّجلينِ، ولأنَّ كلَّ قِصاصٍ جَرَى بينَ الرَّجلينِ والمَرأتينِ جازَ أنْ يَجريَ بينَ الرَّجلِ والمَرأةِ كالنُّفوسِ، وكلَّ قِصاصٍ جَرَى بينَ الحُرَّينِ جَرَى بينَ العَبدينِ كالنُّفوسِ.

وما ذكَرَه مِنْ اختِصاصِ أطرافِ الرَّجلِ بالمَنافعِ فيَفسدُ مِنْ ثَلاثةِ أوجُهٍ:

أحَدُها: ما اتَّفقوا عليهِ مِنْ أخذِ يَدِ الكاتِبِ والصانعِ والمُحارِبِ بيَدِ مَنْ ليسَ بكاتِبٍ ولا صانعٍ ولا مُحارِبٍ.

والثاني: أنَّ في يَدِ المَرأةِ مَنافعَ ليسَتْ في يَدِ الرَّجلِ، فتَقابلَا.

والثالثُ: أنَّ أطرافَ العَبيدِ تَماثَلُ في المَنافعِ ولا يَجرِي فيها قَودٌ، فبطَلَ هذا الاعتِبارُ.

وقالَ ابنُ المُنذرِ: إنهُم لمَّا أجمَعُوا على أنَّ نفْسَه بنَفسِها -وهي أكبَرُ الأشياءِ- واختَلفُوا فيما دونَ ذلكَ كانَ ما اختَلفُوا فيه مَردودًا على ما أجمَعُوا عليهِ؛ لأنَّ الشيءَ إذا أُبيحَ منه الكَثيرُ كانَ القليلُ أَولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>