للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ- أكلُ ذي رائِحةٍ كَريهةٍ:

مَنْ أكلَ ثُومًا أو بَصَلًا أو فِجلًا أو نحوَه، إذا تَعَذَّرَ زَوالُ رائِحَتِه فإنَّ ذلك عُذرٌ يُبيحُ التَّخلُّفَ عن الجَماعةِ حتى لا يَتأَذَّى به النَّاسُ والمَلائِكةُ؛ لِحَديثِ: «مَنْ أَكلَ مِنْ هذه البَقلَةِ، الثُّومِ -وقالَ مرَّةً: مَنْ أَكلَ البَصلَ وَالثُّومَ وَالكُرَّاثَ- فلَا يَقربَنَّ مَسجدَنَا، فإنَّ المَلَائِكَةَ تَتأذَّى ممَّا يَتأذَّى منه بَنُو آدَمَ» (١).

والمُرادُ أكلُ هذه الأشياءِ نَيِّئةً، وكذلك مَنْ كانَت حِرفَتُه لها رائِحةٌ مُؤذِيةٌ، كالجَزَّارِ والزَّيَّاتِ، ومَن له صُنانٌ، وكلُّ مَنْ له رائِحةٌ مُنتِنَةٌ.

ومِثلُ ذلك مَنْ كانَ به مرَضٌ يتَأذَّى به النَّاسُ، كالبَرَصِ والجُذامِ؛ ففي كلِّ ذلك يُباحُ التَّخلُّفُ عن الجَماعةِ (٢).

و- العمى:

ذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ -خِلافًا لِأبي حَنِيفَةَ- إلى أنَّ الأعمى إذا وجدَ قائِدًا، فإنَّ هذا ليس بعُذرٍ له أن يَتخلَّفَ عن الجَماعةِ، فإن لم يَجِد قائِدًا، ولم يَهتَدِ للطَّرِيقِ بنَفسِه، فإنَّ هذا عُذرٌ يُبيحُ له التَّخلُّفَ عن الجَماعةِ.

قالَ الكاسانيُّ : الأعمى أجمَعوا على أَنَّه إذا لم يَجِد قائِدًا لا تَجِبُ عليه، وإن وجدَ قائِدًا فكذلك عندَ أبي حَنِيفَةَ، وعندَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ تَجِبُ (٣).


(١) رواه مُسلم (٥٦٤).
(٢) «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٩٠)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٣٦)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٨)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٠٠).
(٣) «بدائع الصنائع» (١/ ٤٨٩)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٠٠)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٣٧)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٩١)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>