وقالَ إبراهيمُ النخَعيُّ ورَبيعةُ بنُ أبي عبدِ الرَّحمنِ: بحبس المُمسِك حتى يَموتَ؛ لأنه أمسَكَ المَقتولَ حتَّى ماتَ، فوجَبَ أنْ يُجازَى بمِثلِه، فيُحبسُ حتى يَموتَ.
وقالَ مالكٌ: يُقتلُ المُمسكُ قَودًا كما يُقتلُ القاتلُ، إلا أنْ يُمسكَ مازِحًا مُلاعِبًا فلا يُقادُ؛ استِدلالًا بقولِ اللهِ تعالَى: ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ [الإسراء: ٣٣]، وبما رُويَ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ ﵁«أنه قتَلَ جَماعةً بواحدٍ وقالَ: لو تَمالأَ عليهِ أهلُ صَنعاءَ لَقَتلتُهم به»، أي: لو تَعاوَنوا عليهِ، والمُمسكُ قد عاوَنَ على القتلِ، ولأنهُما تَعاونَا في قَتلِه، فوجَبَ أنْ يَستويَا في القَودِ، كما لو اشتَركَا في قَتلِه، ولأنَّ مُمسكَ الصَّيدِ لمَّا جَرَى عليهِ حُكمُ القاتلِ في وجوبِ الجزاءِ، ولو أمسَكَه أحدُ المُحرِمينَ وقتَلَه الآخَرُ اشتَركَا في الجَزاءِ، وجَبَ أنْ يكونَ مُمسكُ المَقتولِ يَجري عليهِ حُكمُ القاتلِ في وُجوبِ القَودِ ويَكونَا فيه سَواءً، ولأنَّ الإمساكَ سَببٌ أفضَى إلى القتلِ، فلَم يَمنعْ أنْ يَجريَ عليهِ حُكمُ المُباشَرةِ للقتلِ، كالشُّهودِ إذا شَهِدوا عندَ الحاكمِ على رَجلٍ بالقتلِ فقُتلَ ثم رَجَعوا قُتِلوا قَودًا بالشَّهادةِ وإنْ كانَتْ سَببًا، كذلكَ الممسكُ.
ودَليلُنا: ما رُويَ عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ: «يُقتلُ القاتِلُ، ويُصبَرُ الصابرُ»، قالَ أبو عُبيدةَ: يَعنِي يُحبَسُ؛ لأنَّ المَصبورَ هو المَحبوسُ، يُريدُ بالحَبسِ التأديبَ، لا كما تَأوَّلَه رَبيعةُ على الحبسِ إلى المَوتِ، ولأنَّ الإمساكَ سَببٌ والقَتلَ مُباشرةٌ، فإذا اجتَمعَا ولم يَكنْ في السببِ إلجاءٌ