وإنْ جعَلَ في رَقبتِه خِراطةَ حَبلٍ وتَحتَ رِجلَيهِ كُرسيًّا وشَدَّ الحَبلَ إلى سَقفِ بَيتٍ وما أشبَهَه ونزَعَ الكُرسيَّ مِنْ تَحتِ رجلَيهِ فانخنَقَ وماتَ .. وجَبَ عليهِ القَودُ؛ لأنه أوحَى الخَنقِ.
وكذا لو عصَرَ خِصيتيهِ عَصرًا شَديدًا إلى أنْ ماتَ وجَبَ القَودُ؛ لأنَّ ذلكَ يَقتلُ في الغالِبِ (١).
وقالَ الحَنابلةُ: إذا منَعَ خُروجَ نفَسِه فهو نَوعانِ:
أحَدُهما: أنْ يَجعلَ في عُنقِه خِراطةً -ما يُعرَفُ اليَومَ بالمِشنقةِ- ثمَّ يُعلِّقَه في خَشبةٍ أو شَيءٍ بحَيثُ يَرتفعُ عن الأرضِ فيَختنقُ ويَموتُ فهذا عَمدٌ، سَواءٌ ماتَ في الحالِ أو بَقيَ زَمنًا؛ لأنَّ هذا أوحَى أنواعِ الخَنقِ، وهو الذي جرَتِ العادةُ بفِعلِه مِنْ الوُلاةِ في اللُّصوصِ وأشباهِهم مِنْ المُفسدينَ.
والثاني: أنْ يَخنقَه وهو على الأرضِ بيَديهِ أو مِنديلٍ أو حَبلٍ أو يَغمَّه بوِسادةٍ أو شَيءٍ يَضعُه على فيهِ وأنفِه أو يَضعَ يَديهِ عليهِما فيَموتَ فهذا إنْ فعَلَ به ذلكَ مُدةً يَموتُ في مثلِها غالبًا فماتَ فهو عَمدٌ فيه القِصاصُ.
وإنْ فعَلَه في مُدةٍ لا يَموتُ في مثلِها غالبًا فماتَ فهو عَمدُ الخطأِ، إلا أنْ يكونَ ذلكَ يَسيرًا في العادةِ بحَيثُ لا يُتوهمُ المَوتُ منه فلا يُوجِبُ ضَمانًا؛ لأنه بمَنزلةِ لَمسِه.
(١) «المهذب» (٢/ ١٧٦)، و «البيان» (١١/ ٣٣٨، ٣٣٩)، و «روضة الطالبين» (٦/ ١٣٥).