للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُساراهم بحَبسِ مَنْ معَهم، ويَحتملُ أنْ لا يَجوزَ حَبسُهم ويُطلَقونَ؛ لأنَّ الذنبَ في حَبسِ أُسارى أهلِ العَدلِ لغيرِهم (١).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وإنْ قالَ أهلُ البغيِ: «رجَعْنا إلى طاعةِ الإمامِ» .. لم يَجُزْ قتالُهم؛ لقَولِه تعالَى: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٩]، و (الفَيئةُ): الرُّجوعُ.

وهكذا إذا ألقَوا سِلاحَهم .. لم يَجُزْ قِتالُهم؛ لأنَّ الظاهِرَ مِنْ حالِهم تَركُ القتالِ والرُّجوعُ إلى الطاعةِ، فإنِ انهَزَموا .. نَظَرتَ:

فإنِ انهَزَموا لغيرِ فئة .. لم يَجُزِ اتِّباعُهم، ولا يُجازُ على جَريحِهم؛ لِما رَوى ابنُ عُمرَ عن ابنِ مَسعودٍ أنَّ النبيَّ قالَ: «يا ابنَ أمِّ عَبدٍ .. ما حُكمُ مَنْ يَفيءُ مِنْ أمَّتي؟ فقلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، فقالَ: لا يُتبعُ مُدبِرُهم، ولا يُجازُ على جَريحِهم، ولا يُقتلُ أسيرُهم، ولا يُقسمُ فَيؤُهم».

ورَوَى عليُّ بنُ الحُسينِ قالَ: «دَخلتُ على مَروانَ بنِ الحَكمِ، فقالَ: ما رَأيتُ أكرَمَ عَلينا مِنْ أبيكَ، ما هو إلا أنْ وَلَّينا يومَ الجَملِ حتى نادَى مُناديهِ: لا يُقتلُ مُدبِرٌ ولا يُذفَّفُ على جَريحٍ» (يُذفَّفُ): يُروى بالدالِ والذالِ، ومَعناهُ: لا يُجازُ عليهِ.

ورُوِيَ عن أبي أُمامةَ : أنه قالَ: «شَهدتُ صِفِّينَ فكانوا لا يُجهِزونَ على جَريحٍ ولا يَطلُبونَ مُولِّيًا ولا يَسلبونَ قَتيلًا».

ولأنَّ قِتالَهم للدَّفعِ والكفِّ عن القتالِ، وقد حصَلَ ذلكَ.


(١) «المغني» (٩/ ٩، ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>