وهكذا إذا ألقَوا سِلاحَهم .. لم يَجُزْ قِتالُهم؛ لأنَّ الظاهِرَ مِنْ حالِهم تَركُ القتالِ والرُّجوعُ إلى الطاعةِ، فإنِ انهَزَموا .. نَظَرتَ:
فإنِ انهَزَموا لغيرِ فئة .. لم يَجُزِ اتِّباعُهم، ولا يُجازُ على جَريحِهم؛ لِما رَوى ابنُ عُمرَ عن ابنِ مَسعودٍ ﵁ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ:«يا ابنَ أمِّ عَبدٍ .. ما حُكمُ مَنْ يَفيءُ مِنْ أمَّتي؟ فقلتُ: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، فقالَ: لا يُتبعُ مُدبِرُهم، ولا يُجازُ على جَريحِهم، ولا يُقتلُ أسيرُهم، ولا يُقسمُ فَيؤُهم».
ورَوَى عليُّ بنُ الحُسينِ ﵁ قالَ:«دَخلتُ على مَروانَ بنِ الحَكمِ، فقالَ: ما رَأيتُ أكرَمَ عَلينا مِنْ أبيكَ، ما هو إلا أنْ وَلَّينا يومَ الجَملِ حتى نادَى مُناديهِ: لا يُقتلُ مُدبِرٌ ولا يُذفَّفُ على جَريحٍ»(يُذفَّفُ): يُروى بالدالِ والذالِ، ومَعناهُ: لا يُجازُ عليهِ.
ورُوِيَ عن أبي أُمامةَ ﵁: أنه قالَ: «شَهدتُ صِفِّينَ فكانوا لا يُجهِزونَ على جَريحٍ ولا يَطلُبونَ مُولِّيًا ولا يَسلبونَ قَتيلًا».
ولأنَّ قِتالَهم للدَّفعِ والكفِّ عن القتالِ، وقد حصَلَ ذلكَ.