للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُليمانَ، وأما سَبُّه المُختلَفُ فيه عندَنا كالخَضِرِ ولُقمانَ فلا يُنتقَضُ به عَهدُه وإنَّما يُعزَّرُ، أي: بما لم نُقِرَّهم عليه من كُفرِهم، لا بما أقَرَّ به نَحوَ كَونِ عيسى ابنًا للهِ ، أو كَونِ اللهِ ثالثَ ثَلاثةٍ، أو كَونِ مُحمدٍ لمْ يُرسَلْ إلينا، وإنَّما أُرسِلَ للعَربِ؛ فإنَّه لا يُنتقَضُ عَهدُه.

وتَعيَّنَ قَتلُه -وحَرقُه حَيًّا ومَيتًا- في السَّبِّ بما لمْ يُقَرَّ عليه إنْ لمْ يُسلِمْ، وأمَّا غَصبُ الحُرةِ المُسلِمةِ وغَرِّها فيُخيَّرُ فيه الإِمامُ كما في مَنعِه الجِزيةَ، ومُقاتلةِ أهلِ الإِسلامِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو زَنى ذِميٌّ بمُسلِمةٍ أو أَصابَها بنِكاحٍ أو دلَّ أهلَ الحَربِ على عَورةِ المُسلِمينَ أو فتَنَ مُسلمًا عن دِينِه أو طعَنَ في الإسلامِ أو القُرآنِ أو ذكَرَ الرَّسولَ بسُوءٍ، فالأصَحُّ أنَّه إنْ شرَطَ انتِقاضَ العَهدِ بها انتَقضَ، وإلا فلا يُنتقَضُ؛ لمُخالَفتِه الشَّرطَ في الأولِ دونَ الثانِي (٢).

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : وإذا أُخذَت الجِزيةُ من قَومٍ فقطَعَ قَومٌ منهم الطَّريقَ، أو قاتَلُوا رَجلًا مُسلمًا فضَرَبوه، أو ظلَموا مُسلمًا أو مُعاهَدًا، أو زَنى منهم زانٍ، أو أظهَرَ فَسادًا في مُسلمٍ أو مُعاهَدٍ حُدَّ فيما فيه الحَدُّ وعُوقِب عُقوبةً مُنكِّلةً فيما فيه العُقوبةُ ولمْ يُقتَلْ إلا بأنْ يَجبَ عليه القَتلُ،


(١) «جواهر الإكليل» (١/ ٢٦٩)، و «الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٥)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٢٠٣)، و «منح الجليل» (٣/ ٢٢٥)، و «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٢١٤)، وكتابي: «الخلاصة الفقهية على مذهَب السادة المالِكية» (٤٧٦، ٤٧٧).
(٢) «الأم» (٤/ ١٨٨)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٣٩)، و «منهاج الطالبين» (١/ ١٤٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>