للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ تأذَنوا بحَربٍ من اللهِ ورَسولِه» فجعَلَهم النَّبيُّ في حَظرِ الرِّبا، ومنَعَهم منه كالمُسلِمينَ، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: ١٦١] فأخبَرَ أنَّهم مَنهيُّونَ عن الرِّبا وأَكلِ المالِ بالباطِلِ كما قالَ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] فسَوَّى بينَهم وبينَ المُسلِمينَ في المَنعِ من الرِّبا والعقُودِ الفاسِدةِ المَحظورةِ.

وقالَ تَعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: ٤٨] فهذا الذي ذكَرْناه مَذهبُ أَصحابِنا في عُقودِ المُعامَلاتِ والتِّجاراتِ وحُدودِ أهلِ الذِّمةِ، والمُسلِمونَ فيها سَواءٌ، إلا أنَّهم لا يُرجَمونَ؛ لأنَّهم غيرُ مُحصَنينَ.

واختَلفَ أصحابُنا في مُناكَحتِهم فيما بينَهم، فقالَ أبو حَنيفةَ: هُمْ مُقَرُّونَ على أحكامِهم لا يُعترَضُ عليهم فيها، إلا أنْ يَرضَوْا لأحكامِنا؛ فإنْ رضِيَ بها الزَّوجانِ حُمِلَا على أَحكامِنا وإنْ أبى أَحدُهما لم يُعترَضْ عليهم، فإذا تراضَيا جَميعًا حمَلَهما على أَحكامِ الإسلامِ إلا في النِّكاحِ بغيرِ شُهودٍ، وفي النِّكاحِ في العِدةِ؛ فإنَّه لا يُفرَّقُ بينَهم، وكذلك إنْ أَسلَموا.

وقالَ مُحمدٌ : إذا رضِيَ أحدُهما حُمِلا جَميعًا على أَحكامِنا، وإنْ أبى الآخَرُ إلا في النِّكاحِ بغيرِ شُهودٍ خاصَّةً.

وقالَ أبو يُوسفَ : يُحمَلون على أَحكامِنا وإنْ أبَوْا إلا في النِّكاحِ بعدَ شُهودٍ نُجيزُه إذا تَراضَوْا بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>