أحَدُها: أنَّ الأعيادَ من جُملةِ الشَّرعِ والمَناهجِ والمَناسكِ التي قالَ اللهُ سُبحانَه عنها: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨] وقالَ: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ [الحج: ٦٧]، كالقِبلةِ والصَّلاةِ والصِّيامِ فلا فَرقَ بينَ مُشارَكتِهم في العيدِ وبينَ مُشارَكتِهم في سائرِ المَناهجِ؛ فإنَّ المُوافَقةَ في جَميعِ العيدِ مُوافَقةٌ في الكُفرِ، والمُوافَقةُ في بعضِ فُروعِه مُوافَقةٌ في بعضِ شُعَبِ الكُفرِ بل الأَعيادُ هي مِنْ أخَصِّ ما تَتميَّزُ به بينَ الشَّرائعِ ومِن أَظهَرِ ما لها من الشَّعائرِ فالمُوافَقةُ فيها مُوافَقةٌ في أخَصِّ شَرائعِ الكُفرِ وأَظهَرِ شَعائرِه.
ولا رَيبَ أنَّ المُوافَقةَ في هذا قد تَنتَهي إلى الكُفرِ في الجُملةِ وإلى شُروطِه.
وأمَّا مَبدؤُها فأَقلُّ أحوالِه أنْ تَكونَ مَعصيةً، وإلى هذا الاختِصاصِ أشارَ النَّبيُّ ﷺ بقَولِه:«إنَّ لكلِّ قَومٍ عيدًا، وإنَّ هذا عيدُنا» وهذا أقبَحُ من مُشارَكتِهم في لُبسِ الزُّنَّارِ ونَحوِه من عَلاماتِهم؛ فإنَّ تلك عَلامةٌ وَضعيةٌ ليسَت من الدِّينِ، وإنَّما الغَرضُ منها مُجرَّدُ التَّمييزِ بينَ المُسلمِ والكافرِ، وأمَّا العيدُ وتَوابِعُه؛ فإنَّه من الدِّينِ المَلعونِ هو وأهلُه فالمُوافَقةُ فيه مُوافَقةٌ فيما يَتميَّزونَ به من أسبابِ سُخطِ اللهِ وعِقابِه.
وإنْ شِئتَ أنْ تُنظِّمَ هذا قياسًا تَمثيليًّا قُلتَ: العِيدُ شَريعةٌ من شَرائعِ الكُفرِ أو شَعيرةٌ مِنْ شَعائرِه فحرُمَت مُوافَقتُهم فيها كسائرِ شَعائرِ الكُفرِ وشَرائعِه، وإنْ كانَ هذا أبيَنَ من القياسِ الجُزئيِّ.