للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: في كِتابِ أهلِ الجَزيرةِ لعِياضِ بنِ غُنمٍ (ولا نُجدِّدَ ما خرِبَ من كَنائسِنا) (١) ورَوى كَثيرُ بنُ مُرةَ قالَ: سَمِعت عُمرَ بنَ الخَطابِ يَقولُ: قالَ رَسولُ اللهِ : «لا تُبنَى الكَنِيسةُ في الإسلامِ ولا يُجدَّدُ ما خرِبَ منها» (٢).

ولأنَّ هذا بِناءُ كَنيسةٍ في دارِ الإسلامِ فلم يَجزْ، كما لو ابتُدِئ بِناؤُها وفارَقَ رَمَّ شَعثِها؛ فإنَّه إِبقاءٌ واستِدامةٌ، وهذا إِحداثٌ (٣).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ في وَجهٍ وابنُ الماجِشونِ من المالِكيةِ إلى عَدمِ جَوازِ إعادةِ ما انهدَمَ منها (٤).

قالَ ابنُ القَيمِ بعدَما ذكَرَ الرِّوايتَينِ عن أحمدَ: ويَغلِبُ في ظَنِّي أنَّ ما ذكَرَه أبو بَكرٍ أضبَطُ -يَعني الخَلَّالَ-؛ فإنَّه قالَ: أخبَرني عبدُ اللهِ قالَ: قالَ أبي: وما انهدَمَ فليسَ لهم أنْ يَبنوه، ثم ذكَرَ النُّصوصَ التي ذكَرْناها في رِوايةِ حَنبَلٍ وابنِ مُشَيشٍ، واختارَ الخَلَّالُ مَنعَ البِناءِ وجَوازَ رَمِّ الشَّعثِ.

واختَلفَ أصحابُ الشافِعيِّ في ذلك، فقالَ أبو سَعيدٍ الإصطَخريُّ: يَمنَعونَ من ذلك، قالَ: حتى إنِ انهدَمَ حائِطُ البِيعةِ مُنِعوا من إعادتِه ورَدِّه، وإنِ انثلَم مُنِعوا من سَدِّه، وإنْ أَرادوا أنْ يُطيِّنوا وَجهَ الحائِطِ الذي يَلينا مُنِعوا منه، وإنْ طيَّنوا الحائِطَ الذي يَلي البِيعةَ كانَ لهم ذلك، وكذلك إنْ بنَوْا دونَ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: تَقدَّمَ.
(٢) ضَعِيفٌ جدًّا: تَقدَّمَ.
(٣) «المغني» (١٢/ ٦٩٩، ٧٠٠).
(٤) المَصادِر السابِقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>