للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدلَّ العُلماءُ على هذا بقَولِ اللهِ ﷿: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الآيَة [التوبة: ٢٩].

قالَ الكاسانِيُّ : أُوجِبت الجِزيةُ على مَنْ هو مِنْ أهلِ القِتالِ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الآيةَ، والمُقاتَلَةُ مُفاعَلةٌ من القِتالِ فتَستَدعي أهليةَ القِتالِ من الجانبَينِ، فلا تَجِبُ على مَنْ ليسَ مِنْ أهلِ القِتالِ، وهؤلاء ليسُوا من أهلِ القِتالِ فلا تَجِبُ عليهم (١).

وقالَ المَوصِليُّ : أصلُه أنَّ الجِزيةَ شُرعَت جَزاءً عن الكُفرِ وحَملًا له على الإسلامِ، فتَجري مَجرى القَتلِ، فمَن لا يُعاقَبْ بالقَتلِ لا يُؤاخَذَ بالجِزيةِ، فإذا حصَلَ الزاجِرُ في حَقِّ المُقاتِلةِ وهُم الأصلُ انزجَرَ التَّبَعُ، أو نَقولُ: وجَبَت لإسقاطِ القَتلِ، فمَن لا يَجبُ قَتلُه لا تُوضَعُ عليه الجِزيةُ، وهؤلاء لا يَجوزُ قَتلُهم فلا جِزيةَ عليهم، ولأنَّ عُمرَ لمْ يَضَعْ على النِّساءِ جِزيةً (٢).

ورَوى أبو عُبيدٍ قالَ: حدَّثَنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ حدَّثَنا أيُّوبُ السَّختِيانِيُّ عن نافِعٍ عن أسلَمَ مَولَى عُمرَ، أنَّ عُمرَ كتَبَ إلى أُمراءِ الأجنادِ أنْ يُقاتِلوا في سَبيلِ اللهِ ولا يُقاتِلوا إلا مَنْ قاتَلَهم، ولا يَقتُلوا النِّساءَ ولا الصِّبيانَ، ولا يَقتُلوا إلا مَنْ جرَت عليه المُوسَى.


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١١١).
(٢) «الاختيار في تعليل المختار» (٤/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>