للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُؤخذُ ممَّا سبَقَ عن المَجموعِ نَقلًا عن الغَزاليِّ الفَرقُ بينَ مالِ الغَنيمةِ وبينَ مالِ بَيتِ المالِ، قالَ بَعضُهم: وهو ظاهِرٌ. اه (١).

وقالَ ابنُ حَجرٍ الهَيتَميُّ : فتَقريرُ النَّوويِّ والغَزاليِّ رحِمَهما اللهُ على تَرجيحِ الرابِعِ -يأخُذُ ما يُعطى وهو حَقُّه والباقونَ مَظلومونَ- لكَونِ القياسِ ظاهِرًا في اعتِمادِه لذلك فيَتفرَّعُ عليه جَوازُ الأخذِ ظَفَرًا، سَواءٌ أكانَ هناك أحوَجُ منه كما اقتَضاه كَلامُ البَغَويِّ أو لا، خِلافًا للسُّبكيِّ، وبه صرَّحَ ابنُ الفِركاحِ وابنُ جُماعةَ، حيثُ قالَ في المالِ الضائِعِ: ولمَن كانَ في يَدِه إذا عُدمَ الحاكِمُ العادِلُ أنْ يَصرِفَه لنَفسِه إذا كانَ بهذه الصِّفةِ وهو عالِمٌ بالأحكامِ الشَّرعيةِ، أي: واقتصَرَ على ما يَليقُ أنْ يُصرَفَ إليه من ذلك، وبالجَوازِ أيضًا صرَّحَ الأذرَعيُّ بَحثًا قياسًا على مالِ الغَريمِ، قالَ: بل أوْلى، ونُقلَ عن مُحقِّق عَصرِه الجَلالِ المَحليِّ ما يَقتَضي الجَوازَ أيضًا، فهو المُعتمَدُ.

ويَدلُّ له أيضًا قَولُ ابنِ عبدِ السَّلامِ: إنْ قيلَ: الجِزيةُ للأَجنادِ على قَولٍ، أو المَصالحِ العامةِ على قَولٍ، وقد رأَيْنا جَماعةً من أهلِ العِلمِ والصَّلاحِ لا يَتورَّعونَ عنها ولا يَخرُجونَ من الخِلافِ فيها مع ظُهورِه.

فالجَوابُ: أنَّ الجُندَ قد أكَلوا من مالِ المَصالحِ التي يَستحِقُّها أهلُ العِلمِ والوَرعِ وغيرُهم ممَّن يَجبُ تَقديمُه أكثَرَها فيُؤخَذُ من الجِزيةِ ما يَكونُ قِصاصًا ببَعضِ ما أخَذوه وأكَلوه فتَصيرُ كمَسألةِ الظَّفرِ. اه.


(١) «حاشية الجمل» (٥/ ٤٩١، ٤٩٢)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>