قالَ الإمامُ الرَّمليُّ ﵀: وفي كَلامِ التاجِ بنِ الفِرْكاحِ أنَّ الغُلولَ في الغَنيمةِ يَحرمُ، ما كانَتِ الغَنيمةُ تُقسَمُ على الوَجهِ المَشروعِ، فإذا تَغيَّرَ الحالُ جازَ لمَن ظفِرَ بقَدرِ حَقِّه وبما دونَه أنْ يَختَزِله ويَكتُمَه. اه ومُقتَضاه جَوازُ الأخذِ ظَفرًا في الغَنيمةِ فَضلًا على بَيتِ المالِ، لكنَّ المُصنِّفَ نقَلَ في المَجموعِ عن الغَزاليِّ وأقَرَّه أنَّه لو لم يَدفعِ السُّلطانُ إلى كلِّ المُستحِقِّينَ حُقوقَهم من بَيتِ المالِ فهل يَجوزُ لأحَدِهم أخذُ شَيءٍ من بَيتِ المالِ؟ قالَ: فيه أربَعةُ مَذاهبَ:
أحَدُها: لا يَجوزُ؛ لأنَّه مُشترِكٌ ولا يَدرى حِصَّتَه منه، أهي حَبةٌ أو دانَقٌ أو غيرُهما، قالَ الغَزاليُّ وهذا غُلوٌّ لا يَجوزُ.
والثانِي: يَأخذُ كلَّ يَومٍ ما يَكفيه.
والثالِثُ: يَأخذُ كِفايةَ سَنةٍ.
والرابِعُ: ما يُعطى وهو حَقُّه، والباقونَ مَظلومونَ، قالَ: وهذا هو القياسُ؛ لأنَّه ليسَ مشتَرِكًا كالغَنيمةِ والمِيراثِ؛ لأنَّ ذلك مِلكٌ لهم، حتى لو ماتوا قسَّمَ بينَ ورَثتِهم، وهنا لا يَستحِقُّ وارِثُه شَيئًا، وهذا إذا صرَفَ إليه ما يَليقُ صَرفُه إليه. اه.
وبالأولِ جزَمَ ابنُ عبدِ السَّلامِ في قَواعِدِه، ومُقتَضاه إلحاقُ ذلك بالأموالِ المُشترَكةِ، وأنَّ الأخذَ ظَفرًا مما يَستحِقُّه في بَيتِ المالِ لا يَجوزُ وإنْ مُنِعَ المُتكلَّمُ في أمرِه المُستحَقَّ.