فأمَّا المَريضُ: فإنْ شهِدَ الوَقعةَ فالمَذهبُ أنَّه يُسهَمُ له وإنْ لم يُقاتِلْ بالفِعلِ؛ لأنَّه قد شهِدَ الوَقعةَ وحصَلَ منه التَّكثيرُ وقد قيلَ في قَول اللهِ تَعالى: ﴿وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا﴾ [آل عمران: ١٦٧] أي كَثِّروا، ولِما رُوي عن أبي بَكرٍ الصِّديقِ وعُمرَ أنَّهما قالَا:«إنَّما الغَنيمةُ لمَن شهِدَ الوَقعةَ» ولا مُخالِفَ لهما من الصَّحابةِ مع انتِشارِ أقوالِهما فثبَتَ أنَّه إجماعٌ.
فإنْ منَعَه مَرَضُه من حُضورِ القِتالِ لم يُسهَمْ له إلا أنْ يَكونَ ذا رأيٍ، والمُقعَدُ الذي له رأيٌ كذلك، بل أوْلى منه، وكذا سائرُ من قُلنا: لا يُسهَمُ له ممَّن يُتصوَّرُ منه الرأيُ، كالأعرَجِ والأشَلِّ.
وأمَّا الضَّالُّ: فمُختلَفٌ فيه على قَولَينِ أشهَرُهما أنَّه يُسهَمُ له وإنْ ضَلَّ بأرضِنا؛ لأنَّه مَغلوبٌ على أمرِه.
وأمَّا الأسيرُ: فقالَ أشهَبُ: يُسهَمُ للأسيرِ وإنْ كانَ في الحَديدِ.