للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: وهو الصَّحيحُ المَنصوصُ وبه قطَع العِراقيُّونَ: جَوازُ الرَّميِ على قَصدِ قِتالِ المُشرِكينَ ويَتوقَّى الرامي المُسلِمينَ بحسَبِ الإمكانِ؛ لأنَّ مَفسدةَ الإعراضِ أكثَرُ من مَفسدةِ الإقدامِ، ولا يَبعدُ احتِمالُ طائِفةٍ للدَّفعِ عن بَيضةِ الإسلامِ مُراعاةً للأُمورِ الكُلِّيَّاتِ.

فإنْ جَوَّزنا الرَّميَ فرَمى وقتَلَ مُسلمًا فلا قِصاصَ فتَجِبُ الكَفارةُ، وفي الدِّيةِ طُرقٌ، أصَحُّها وظاهِرُ النَّصِّ وبه قالَ المُزَنيُّ وابنُ سَلمةَ: إنْ علِمَ أنَّ المَرميَّ مُسلِمٌ وجَبَت وإلا فلا.

والثانِي: قالَه أبو إسحاقَ: إنْ قصَده بعَينِه وجَبَت سَواءٌ علِمه مُسلمًا أو لا، وإلا فلا.

والثالِثُ: قَولانِ مُطلَقًا، والرابِعُ: قالَه ابنُ الوَكيلِ: إن علِمَ أنَّ هناك مُسلمًا وجَبَت، وإلَّا فقَولانِ.

وإنْ لم نُجوِّزِ الرَّميَ فرَمى وقتَلَ ففي وُجوبِ القِصاصِ طَريقانِ: أحدُهما: قَولانِ كالمُكرَهِ، والثانِي: يَجبُ قَطعًا كالمُضطَرِّ إذا قتَلَ رَجلًا ليأكُلَه بخِلافِ المُكرَهِ؛ فإنَّه مُلجَأٌ، ولأنَّ هناك مَنْ يُحالُ عليه وهو المُكرَهُ (١).

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّه إذا تتَرَّس المُشرِكونَ بالمُسلِمينَ جازَ لبَقيةِ المُسلِمينَ الرَّميُ ويَقصِدون المُشرِكينَ، ثم اختَلفُوا فيما إذا أصابَ أحَدُهم مُسلمًا في الحالِ.


(١) «روضة الطالبين» (١٠/ ٢٤ - ٤، ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>