للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: المَنعُ إذا لم يَتأتَّ رَميُ الكُفارِ إلا برَميِ مُسلمٍ أو ذِميٍّ، وكالذِّميِّ المُستأمَنُ (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ في «الرَّوضةِ»: ولو تتَرَّسوا بالنِّساءِ والصِّبيانِ نُظِر إنْ دعَت ضَرورةٌ إلى الرَّميِ والضَّربِ بأنْ كانَ ذلك في حالِ التِحامِ القِتالِ ولو تُرِكوا لغَلَبوا المُسلِمينَ جازَ الرَّميُ والضَّربُ، وإنْ لم تَكنْ ضَرورةٌ بأنْ كانُوا يَدفَعونَ بهم عن أنفُسِهم واحتمَلَ الحالُ تَركَهم فطَريقانِ أصَحُّهما على قَولَينِ:

أحدُهما: يَجوزُ رَميُهم كما يَجوزُ نَصبُ المَنجَنيقِ على القَلعةِ وإنْ كانَ يُصيبُهم، ولئلَّا يَتخِذوا ذلك ذَريعةً إلى تَعطيلِ الجِهادِ.

والثانِي: المَنعُ، وهذا أصَحُّ عندَ القَفالِ، ومالَ إلى تَرجيحِ الأولِ مائِلونَ، والطَّريقُ الثانِي: القَطعُ بالجَوازِ ورَدُّ المَنعِ إلى الكَراهةِ، وقيلِ في الكَراهةِ على هذا قَولانِ، ولو تتَرَّسوا بهم في القَلعةِ فقيل: هذه الصُّورةُ أوْلى بالجَوازِ؛ لئلَّا يُتَّخَذ ذلك حيلةً لاستِبقاءِ القِلاعِ لهم، وفي ذلك فَسادٌ عَظيمٌ، وقيلَ قَولانِ، وإنْ عجَزنا عن القَلعةِ إلا به. قُلتُ (أي: النَّوويُّ): الراجِحُ في الصُّورتَينِ الجَوازُ، واللهُ أعلَمُ.

ولو كانَ في البَلدةِ أو القَلعةِ مُسلِمٌ أو أسيرٌ أو تاجِرٌ أو مُستأمَنٌ أو طائِفةٌ من هؤلاء، فهل يَجوزُ قَصدُ أهلِها بالنارِ والمَنجنيقِ وما في مَعناهما؟ فيه طُرُقٌ؛ المَذهبُ: أنَّه إنْ لم يَكنْ ضَرورةٌ كُرِه ولا يَحرُمُ على الأظهَرِ؛ لئلَّا


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>