للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ: إنْ كانُوا يَخافونَ على أنفُسِهم وذَراريِّهم فلا بأسَ أنْ يُقاتِلوا من قَبلِ أنْ يَأذنَ لهم الأميرُ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: «وواجِبٌ على الناسِ إذا جاءَ العَدوُّ أنْ يَنفِروا المُقِلُّ منهم والمُكثِرُ، ولا يَخرُجوا إلى العَدوِّ إلا بإذنِ الأميرِ إلا أنْ يَفجأَهم عَدوٌّ غالِبٌ يَخافونَ كلَبَه فلا يُمكِنُهم أنْ يَستأذِنُوه» … ولأنَّهم إذا جاءَ العَدوُّ صار الجِهادُ عليهم فَرضَ عَينٍ، فوجَبَ على الجَميعِ فلم يَجزْ لأحدٍ التَّخلُّفُ عنه، فإذا ثبَتَ هذا؛ فإنَّهم لا يَخرُجونَ إلا بإذنِ الأميرِ؛ لأنَّ أمرَ الحَربِ مَوكولٌ إليه، وهو أعلَمُ بكَثرةِ العَدوِّ وقلَّتِهم ومَكامنِ العَدوِّ وكَيدِهم، فيَنبَغي أنْ يَرجِعَ إلى رأيِه؛ لأنَّه أحوَطُ للمُسلِمينَ إلا أنْ يَتعذَرَ استِئذانُه لمُفاجأةِ عَدوِّهم لهم، فلا يَجبُ استِئذانُه؛ لأنَّ المَصلَحةَ تَتعيَّنُ في قتالِهم، والخُروجُ إليهم لتَعيُّنِ الفَسادِ في تَركِهم.

ولذلك لمَّا أغارَ الكُفارُ على لقَاحِ النَّبيِّ فصادَفَهم سَلمةُ بنُ الأكوَعِ خارجَ المَدينةِ تَبِعهم وقاتَلَهم من غيرِ إذْنٍ فمدَحَه النَّبيُّ وقالَ: «خَيرُ رَجَّالتِنا سَلمةُ بنُ الأكوَعِ» وأعطاه سَهمَ فارِسٍ وراجِلٍ» (٢).

ثم اختَلفَ الفُقهاءُ في جِهادِ الطَّلبِ هل يَجبُ إذْنُ الإمامِ فيه أو لا؟

فالحَنفيةُ أجازوا الجِهادَ بغيرِ إذْنِ الإمامِ لكنَّهم فرَّقوا بينَ أنْ يَدخُلَ واحِدٌ أو اثنانِ دارَ الحَربِ مُغيرَينِ بغيرِ إذْنِ الإمامِ فيَغنَما، وبينَ أنْ يَدخُلَ جَماعةٌ لهم مَنَعةٌ دارَ الحَربِ بغيرِ إذنِ الإمامِ فيَغنَموا.


(١) «مسائل عبد الله لأبيه» ص (٢٥٩).
(٢) «المغني» (٩/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>