للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهُ قالَ: «أُحِلَّتْ لنا مَيتَتانِ ودَمَانِ: فأما المَيتَتانِ فالسَّمكُ والجَرادُ»، وقد صَحَّ «أنَّ أبا عُبيدةَ وأصحابَه وَجَدوا على ساحِلِ البَحرِ دابَّةً يُقالَ لها العَنبَرُ مَيتةً، فأكَلُوا منها شَهرًا حتى سَمِنُوا وادَّهَنوا، فلما قَدِموا على النبيِّ أخبَرُوهُ فقالَ: هو رِزقٌ أخرَجَه اللهُ لكُم، فهلْ مَعكُم مِنْ لَحمِه شيءٌ تُطعِمونَا؟» مُتفَقٌ عليهِ (١).

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واختَلفُوا فيما يُباحُ مِنْ دَوابِّ البَحرِ وما لا يُباحُ.

فقالَ أبو حَنيفةَ: لا يُباحُ شَيءٌ منه سِوى السَّمكِ.

وقالَ مالكٌ: يُباحُ جَميعُه، سواءٌ كانَ ممَّا له شَبهٌ في البَرِّ أو ممَّا لا شَبهَ له، مِنْ غيرِ احتِياجٍ إلى ذَكاةٍ، وسَواءٌ تَلفَ بنَفسِه أو بسَببٍ، وسَواءٌ أتلَفَه مُسلمٌ أو مَجوسيٌّ، طَفَا أو لم يَطْفُ، وتَوقَّفَ في خِنزيرِ الماءِ خاصَّةً.

وقالَ أحمَدُ: يُؤكَلُ جَميعُ ما في البَحرِ إلا الضُّفدعُ والتِّمساحُ والكَوشَجُ، ومِن أصحابِه مَنْ منَعَ مِنْ كَلبِ الماءِ وخِنزيرِه وحَيَّتِه وفأرَتِه وعَقربِه، وأنَّ كلَّ ما لهُ شبهٌ في البَرِّ لا يُؤكلُ فإنهُ لا يُؤكلُ في البَحرِ، وهو أبو عَليٍّ النجَّادُ، ويَفتقرُ عندَ أحمَدَ إباحةُ غيرِ السَّمكِ مِنْ ذلكَ إلى الذَّكاةِ كخِنزيرِ الماءِ وكَلبِه وإنسانِه ونحوِ ذلكَ.

واختَلفَ أصحابُ الشافِعيِّ، فمِنهُم مَنْ قالَ: يُؤكلُ جَميعُه إلا الضُّفدعَ، ومنهُم مَنْ منَعَ إباحةَ الكُلِّ سِوى السَّمكِ كقَولِ أبي حَنيفةَ، ومنهُم مَنْ قالَ


(١) «المغني» (٩/ ٣٣٧، ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>