لكنْ نقَلَ قبلَه القَولَ بإباحتِه، واعتَرضَه فانظُرْه. اه بن (١).
قالَ أبو عُمرَ: لا أعلَمُ بينَ عُلماءِ المُسلمينَ خِلافًا أنَّ القِردَ لا يُؤكلُ ولا يَجوزُ بَيعُه؛ لأنه ممَّا لا مَنفعةَ فيه، وما عَلِمْنا أحَدًا أرخَصَ في أكلِه، والكَلبُ والفيلُ وذو النابِ كلُّه عندِي مِثلُه، والحُجةُ في قَولِ رَسولِ اللهِ ﷺ لا في قَولِ غيرِه، وما يَحتاجُ القِردُ ومِثلُه أنْ يَنهَى عنه؛ لأنه يُنهِي عن نَفسِه بزَجرِ الطِّباعِ والنُّفوسِ لنا عنهُ، ولم يَبلُغْنا عن العَربِ ولا عن غيرِهم أكلُه، وقد زعَمَ ناسٌ أنه لم يَكنْ في العَربِ مَنْ يَأكلُ الكَلبَ الأقومَ، منهُم نَفرٌ مِنْ فَقعسَ، وفي أحَدِهم قالَ الشاعِرُ الأسديُّ:
يا فَقعَسيُّ لِمَ أكَلتَهُ لِمَهْ
لو خافَكَ اللهُ عليهِ حرَّمَهْ
فمَا أكَلْتَ لحَمَه ولا دَمَهْ
قالَ أبو عُمرَ: يَعني قولُه: «لو خافَكَ اللهُ عليهِ حرَّمَه» أي أنَّ الكَلبَ عندَه كانَ ممَّا لا يَأكلُه أحَدٌ ولا يَخافُ أحَدًا على أكلِه إلا المُضطرَّ، واللهُ ﷿ لا يَخافُ أحَدًا على شَيءٍ ولا على غَيرِ شَيءٍ، ولا يَلحقُه الخَوفُ جَلَّ وتعالَى عن ذلكَ، وأظُنَّ الشِّعرَ لأعرابِيٍّ لا يَقفُ على مثلِ هذا مِنْ المعنَى، واللهُ أعلَمُ.
حدَّثَنا أحمَدُ بنُ عبدِ اللهِ قالَ: حدَّثَني أبي قالَ: حَدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ يُونسَ قالَ: حدَّثَنا بَقيُّ بنُ مَخلدٍ قالَ: حدَّثَنا أبو بكرٍ بنُ أبي شَيبةَ قالَ: حدَّثَنا
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٨٢)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ١٥١).