للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [البقرة: ٢٤٩] (١).

والمُرادُ هُنا بَيانُ ما يَحرمُ أكلُه وشُربُه وما يُباحُ.

ولا يُمكِنُ حَصرُ أنواعِه، لكنَّ الأصلَ في الجَميعِ الحِلُّ، إلا ما يَستثنيهِ أحَدُ أُصولِ نَصِّ كِتابٍ أو سُنةٍ أو إجماعٍ.

والأصلُ في إباحةِ الأطعِمةِ قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ [المائدة: ٤]، وقولُ اللهِ تعالَى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٧، ١٧٢]، وقولُه: ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون: ٥١]، وقولُه تعالَى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]، وقولُه تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [البقرة: ١٦٨]، وقولُه تعالَى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧].

فجعَلَ الطَّيِّبَ صِفةً في المُباحِ عامَّةً تُميِّزُه عن المُحرَّمِ، وجعَلَ الخَبيثَ صِفةً في المُحرَّمِ تُميزُه عن المُباحِ.

والمُرادُ بالخَبيثِ هُنا: كُلُّ مُستخبَثٍ في العُرفِ؛ لأنه لو أرادَ به الحَرامَ لم يَكنْ جَوابًا؛ لأنهُم سَألُوهُ عمَّا يَحلُّ، فلو به أُريدَ الحرامُ وبالطَّيِّبِ الحَلالُ لَكانَ مَعناهُ: الحَلالُ هو الحَلالُ، وليسَ كذلكَ.


(١) «كشاف القناع» (٦/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>