للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِما رواهُ مُسلمٌ عن أبي الطُّفيلِ عامرِ بنِ واثِلةَ قالَ: كنتُ عندَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ فأتاهُ رَجلٌ فقالَ: ما كانَ النبيُّ يُسِرُّ إليكَ؟ قالَ: فغَضِبَ وقالَ: ما كانَ النبيُّ يُسِرُّ إليَّ شَيئًا يَكتمُه الناسَ، غيرَ أنه قد حَدَّثني بكَلماتٍ أربَعٍ، قالَ: فقالَ: ما هُنَّ يا أميرَ المُؤمنينَ؟ قالَ: قالَ: لعَنَ اللهُ مَنْ لعَنَ والِدَه، ولعَنَ اللهُ مَنْ ذبَحَ لغَيرِ اللهِ، ولعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحدِثًا، ولعَنَ اللهُ مَنْ غيَّرَ مَنارَ الأرضِ» (١).

والمُرادُ بالذَّبحِ لغَيرِ اللهِ أنْ يَذبحَ باسمِ غيرِ اللهِ تعالَى، كمَن ذبَحَ للصَّنمِ أو الصَّليبِ أو لمُوسَى أو لعيسَى صلَّى اللهُ عليهِما أو للكُعبةَ ونحوِ ذلكَ، فكلُّ هذا حَرامٌ ولا تَحلُّ هذهِ الذَّبيحةُ … فإنْ قصَدَ مع ذلكَ تَعظيمَ المَذبوحِ له غيرَ اللهِ تعالَى والعِبادةِ له كانَ ذلكَ كُفرًا، فإنْ كانَ الذابحُ مُسلِمًا قبلَ ذلكَ صارَ بالذبحِ مُرتدًّا (٢).

وذكَرَ كَثيرٌ مِنْ الفُقهاءِ أنَّ مُجرَّدَ الذبحِ رِياءً لقُدومِ أميرٍ أو ضَيفٍ يُعتبَرُ حَرامًا ولا تَحلُّ الذَّبيحةُ.

قالَ الحَنفيةُ: الذبحُ عندَ مَرأَى الضَّيفِ تَعظيمًا له لا يَحلُّ أكلُها، وكذا عندَ قُدومِ الأميرِ أو غيرِه كواحِدٍ مِنْ العُظماءِ تَعظيمًا؛ لأنه أُهِلَّ به لغَيرِ اللهِ،


(١) أخرجه مسلم (١٩٧٨).
(٢) «أحكام القرآن» (٣/ ٢٩٧)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٤٨)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٥٥، ٤٥٦)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٢٧١)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٩٤)، و «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>