للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على تَحريمِ صَيدِ المَجوسيِّ وذَبيحتِه، إلا ما لا ذَكاةَ له كالسَّمكِ والجَرادِ، فإنهُم أجمَعُوا على إباحتِه ....

وممَّن رُويَتْ عنه كَراهيةُ ذَبائحِهم ابنُ مَسعودٍ وابنُ عبَّاسٍ وعليٌّ وجابرٌ وأبو بُردةَ وسَعيدُ بنُ المُسيبِ وعِكرمةُ والحَسنُ بنُ مُحمدٍ وعَطاءٌ ومُجاهدٌ وعَبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلَى وسَعيدُ بنُ جُبيرٍ ومُرَّةُ الهَمذانِيُّ والزُّهريُّ ومالِكٌ والثَّوريُّ والشافِعيُّ وأصحابُ الرأيِ، قالَ أحمَدُ: ولا أعلَمُ أحَدًا قالَ بخِلافِه إلا أنْ يكونَ صاحِبَ بِدعةٍ.

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] فمَفهومُه تَحريمُ طَعامِ غيرِهم مِنْ الكُفارِ، ولأنهُم لا كِتابَ لهم، فلمْ تَحلَّ ذَبائحُهم كأهلِ الأوثانِ ....

ولا خِلافَ في إباحةِ ما صادُوه مِنْ الحِيتانِ، حُكيَ عن الحَسنِ البَصريِّ أنه قالَ: رَأيتُ سَبعينَ مِنْ الصحابةِ يَأكلونَ صيدَ المَجوسيِّ مِنْ الحِيتانِ لا يَختلجُ في صُدورِهم شَيءٌ مِنْ ذلكَ، رَواهُ سَعيدُ بنُ مَنصورٍ، والجُرادُ كالحِيتانِ في ذلكَ؛ لأنه لا ذَكاةَ له، ولأنه تُباحُ مَيتتُه، فلمْ يَحرمْ بصَيدِ المَجوسيِّ كالحُوتِ.

فَصلٌ: وحُكمُ سائرِ الكفَّارِ مِنْ عَبدةِ الأوثانِ والزنادِقةِ وغيرِهم حُكمُ المَجوسيِّ في تَحريمِ ذَبائحِهم وصَيدِهم، إلا الحِيتانَ والجَرادَ وسائرَ ما تُباحُ مَيتتُه فإنَّ ما صادوهُ مباحٌ؛ لأنه لا يَزيدُ بذلكَ عن موتِه بغيرِ سَببٍ (١).


(١) «المغني» (٩/ ٣١٣، ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>