للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ النخَعيُّ، وذهَبَ إليه مالكٌ والثَّوريُّ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وأحمَدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ، ورخَّصَ في صَيدِ البُندقةِ عمَّارُ بنُ ياسرٍ، وهو قَولُ سَعيدِ ابنِ المُسيبِ وابنِ أبي ليلَى، وبه قالَ الشامِيُّونَ، الأصلُ في ذلكَ حَديثُ عَديِّ بنِ حاتمٍ «أنَّ النبيَّ أباحَ له أكْلَ ما أصابَ بحَدِّه، ومنَعَه أكْلَ ما أصابَ بعَرضِه»؛ لأنه وَقيذٌ، ولا حُجَّةَ لمَن خالَفَ السُّنةَ، وإنما كَرِهَ الحَسنُ البُندقةَ للقُرَى والأمصارِ؛ لإمكانَ وُجودِهم للسَّكاكينِ وما تَقعُ به الذَّكاةُ، وأجازَها في البَرارِي وفي مَواضعَ يَتعذَّرُ وُجودُ ذلكَ فيهِ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : قالَ الجَماهيرُ: لا يَحلُّ صَيدُ البُندقيةِ مُطلَقًا؛ لحَديثِ المِعراضِ؛ لأنه كُلَّه رَضٌّ ووَقذٌ، وهو معنَى الرِّوايِة الأخرَى: «فإنه وَقيذٌ» أي: مَقتولٌ بغَيرِ مُحدَّدٍ، والمَوقوذةُ المَقتولةُ بالعَصا ونحوِها، وأصلُه مِنْ الكَسرِ والرَّضِّ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (ولا يُؤكلُ ما قُتلَ بالبُندُقِ أو الحَجرِ؛ لأنه مَوقوذٌ) يعني الحَجرَ الذي لا حَدَّ له، فأما المُحدَّدُ كالصوَّانِ فهو كالمِعراضِ إنْ قتَلَ بحَدِّه أُبيحَ، وإنْ قتَلَ بعَرضِه أو ثِقلِه فهو وَقيذٌ لا يُباحُ، وهذا قَولُ عامَّةِ الفُقهاءِ، وقالَ ابنُ عُمرَ في المَقتولةِ بالبُندقِ: «تِلكَ المَوقوذةُ»، وكَرِهَ ذلكَ سالمٌ والقاسِمُ ومُجاهِدٌ وعَطاءٌ والحَسنُ وإبراهيمُ


(١) «شرح صحيح البخاري» (٥/ ٣٨٥، ٣٨٦)، و «الاستذكار» (٥/ ٢٦٦، ٢٦٧)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ١٠٨).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>