للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعُمومِ قَولِ النبيِّ : «هو الطَّهورُ مَاؤهُ الحِلُّ مَيتتُه» (١)، وأحَقُّ ما يَتناولُه اسمُ المَيتةِ الطَّافي؛ لأنه المَيتُ حَقيقةً.

وقَولِه : «أُحِلَّتْ لنا مَيتَتانِ ودَمَانِ، فأمَّا المَيتَتانِ فالحُوتُ والجَرادُ، وأما الدَّمَانِ فالكَبدُ والطِّحالُ» (٢)، فسَّرَ النبيُّ المَيتةَ بالسَّمكِ مِنْ غَيرِ فَصلٍ بينَ الطَّافي وغيرِه، فكانَ على عُمومِه.

ولِما رواهُ مُسلمٌ عن أبي الزُّبيرِ عن جابِرٍ قالَ: «بعَثَنا رَسولُ اللهِ وأمَّرَ عَلينَا أبا عُبيدةَ نَتلقَّى عِيرًا لقُريشٍ وزَوَّدَنا جِرابًا مِنْ تَمرٍ لم يَجدْ لنا غيرَهُ، فكانَ أبو عُبيدةَ يُعطِينا تَمرةً تَمرةً، قالَ: فقُلتُ: كيفَ كُنتمْ تَصنعونَ بها؟ قالَ: نَمَصُّها كما يَمَصُّ الصَّبيُّ ثمَّ نَشربُ عَليها مِنْ الماءِ فتَكفينَا يَومَنا إلى اللَّيلِ، وكنَّا نَضربُ بعِصِيِّنا الخبَطَ ثمَّ نَبُلُّه بالماءِ فنأكُلُه، قالَ: وانطَلَقْنا على ساحِلِ البَحرِ فرُفعَ لنا على ساحِلِ البَحرِ كهَيئةِ الكثِيبِ الضَّخمِ، فأتَينَاهُ فإذا هي دابَّةٌ تُدعَى العَنبَرَ، قالَ: قالَ أبو عُبيدةَ: مَيْتةٌ، ثمَّ قالَ: لا، بل نحنُ رُسلُ رَسولِ اللهِ وفي سَبيلِ اللهِ، وقدِ اضطُرِرتُم فكُلُوا، قالَ: فأقَمْنَا عليهِ شَهرًا ونحنُ ثَلاثُ مائةٍ حتى سَمِنَّا، قالَ: ولقدْ رَأيتُنَا نَغترفُ مِنْ وَقبِ عَينِه بالقِلالِ الدُّهنَ ونَقتطعُ منهُ الفِدرَ كالثَّورِ -أو كقَدرِ الثَّورِ- فلقدْ أخَذَ منَّا أبو عُبيدةَ ثَلاثةَ عشَرَ رَجلًا فأقعَدَهُم في وَقبِ عَينِه،


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام مالك في «الموطأ» (٤١)، وأحمد (٨٧٢٠)، وأبو داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (٥٩)، وابن ماجه (٣٨٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٣٣١٤)، وأحمد (٥٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>