للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقيمًا في بلدٍ فيها خَيرُه ويُريدَ أخْذَ بنتِه معَه وهو يُسافرُ سفَرَ نُقلةٍ فيَستحقُّ السفرَ بها وتكونُ الحَضانةُ لأمِّها؟

فأجابَ: أما المُدةُ التي كانَ عاجِزًا عن النَّفقةِ فيها فلا نَفقةَ عليهِ، ولا رُجوعَ لمَن أنفَقَ فيها بغيرِ إذنهِ بغيرِ نِزاعٍ بينَ العُلماءِ، وإنما النِّزاعُ فيما إذا أنفَقَ مُنفِقٌ بدونِ إذنِه مع وُجوبِ النَّفقةِ على الأبِ، فقيلَ: يَرجعُ بما أنفَقَ غيرَ مُتبرعٍ، كما هو مَذهبُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ وأحمَدَ في قَولٍ، ولا يَجوزُ حَبسُه على هذهِ النَّفقةِ، ولا على الرُّجوعُ بها حتى يَثبتَ الوُجوبُ بيَسارِه، فإذا اختَلفَا في اليسارِ ولم يُعرَفْ له مالٌ فالقَولُ قولُه مع يَمينِه.

وإذا كانَ مُقيمًا في غيرِ بَلدِ الأمِّ فالحَضانةُ له لا للأمِّ، وإنْ كانَتِ الأمُّ أحَقَّ بالحَضانةِ في البلدِ الواحدِ، وهذا أيضًا مَذهبُ الأئمَّةِ الأربَعةِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : عن رَجلٍ له مُطلَّقةٌ وله منها وَلدٌ وقد بلَغَ مِنْ العُمرِ سبعَ سِنينَ، وهُم يُريدونَ فرْضَه، وقد تزوَّجتْ أمُّه، وكَفلتْه جَدَّتُه ووجَّهَتْ كَفيلَه وسَافَروا به إلى الإسكَندرِيةِ وغيَّبوهُ مدَّةَ سبعِ سِنينَ، وطُلبَ منه فَرضُ السِّنينِ الماضِيةِ؟

فأجابَ: إذا حكَمَ له حاكِمٌ لم يَكنْ لأمِّه أنْ تُغيِّبَه عنه، وإذا غيَّبَتْه عنه والحالةُ هذهِ لم يَكنْ لها أنْ تُطالبَه بالنَّفقةِ المَفروضةِ، ولا بما أنفَقوهُ عليه في هذهِ الحالةِ، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ١٠٣).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>