للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندَه فإنه يُخيَّرُ بينَهُما، فإذا اختارَ أحَدُهما كانَ عندَه، والغُلامُ والجارِيةُ في ذلكَ سَواءٌ؛ لِما رواهُ أبو هُريرةَ قالَ: «إنَّ امرَأةً جاءَتْ رَسولَ اللهِ فقالَتْ: فدَاكَ أبي وأمِّي، إنَّ زَوجِي يُريدُ أنْ يَذهبَ بابنِي، وقد نَفعَني وسَقاني مِنْ بئرِ أبي عنَبةَ، فجاءَ زَوجُها وقالَ: مَنْ يُخاصِمُني في ابني؟ فقالَ: يا غُلامُ هذا أَبوكَ وهذهِ أمُّكَ، فخُذْ بيَدِ أيِّهما شِئتَ، فأخَذَ بيَدِ أمِّه فانطَلقَتْ به» (١).

ولا يَثبتُ التَّخييرُ بينَهُما إلا إذا كانَ كلُّ واحِدٍ منهُما يَصلحُ للحَضانةِ، فإنْ كانَ أحَدُهما مَملوكًا أو مَعتوهًا أو فاسِقًا أو كافرًا فلا تَخييرَ بينَه وبينَ الآخَرِ؛ لأنه لا حَقَّ له في كَفالتِه.

فإنِ اختارَهُما أُقرعَ بينَهُما؛ لأنه لا يُمكنُ اجتِماعُهما على كَفالتِه ولا مَزيةَ لأحَدِهما على الآخَرِ، فوجَبَ التَّقديمُ بالقُرعةِ.

وإنْ لم يَختَرْ واحِدًا منهُما أُقرعَ بينَهُما؛ لأنه لا يُمكِنُ تركُه وحْدَه ما لم يَبلغْ؛ لأنه يَضيعُ، ولا مَزيةَ لأحَدِهما على الآخَرِ، فوجَبَتِ القُرعةُ.

وإنِ اختارَ أحَدَهما نَظَرْتَ، فإنْ كانَ ابنًا فاختارَ الأمَّ كانَ عندَها بالليلِ، ويَأخذُه الأبُ بالنَّهارِ ويُسلِّمُه في مَكتبٍ أو صَنعةٍ؛ لأنَّ القَصدَ حظُّ الوَلدِ، وحَظُّ الوَلدِ فيما ذكَرْناهُ.

وإنِ اختارَ الأبَ كانَ عندَه باللَّيلِ والنهارِ، ولا يَمنعُه مِنْ زِيارةِ أمِّه؛ لأنَّ المَنعَ مِنْ ذلكَ إغراءٌ بالعُقوقِ وقَطعِ الرَّحمِ، فإنْ مَرضَ كانَتِ الأمُّ أحَقَّ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (٣٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>