للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رافعٌ: ابنَتِي، فقالَ له النبيُّ : اقعُدْ ناحيةً، وقالَ لها: اقعُدِي ناحِيةً، قالَ: وأقعَدَ الصَّبيةَ بينَهُما، ثمَّ قالَ: ادعُواهَا، فمالَتِ الصَّبيةُ إلى أمِّها، فقالَ النبيُّ : اللهمَّ اهدِها، فمالَتِ الصَّبيةُ إلى أبيهَا فأخَذَها» (١).

فدَلَّ على أنَّ الكُفرَ لا يُسقطُ الكَفالةَ، ولأنَّ الكافِرَ مُتديِّنٌ باعتِقادِه، فكانَ مَأمونًا على وَلدِه (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ وبَعضُ المالِكيةِ كابنِ وَهبٍ وغيرِه إلى أنه يُشترطُ الإسلامُ في الحاضِنِ، فإنْ كانَتِ الأمُّ ذِميةً فلا تَثبتُ لها الحَضانةُ؛ لأنَّ الحَضانةَ وِلايةٌ، فلا تَثبتُ لكافِرٍ على مُسلمٍ كوِلايةِ النِّكاحِ والمالِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)[النساء: ١٤١]، ولأنَّ افتِراقَ الأديانِ يَمنعُ مِنْ ثُبوتِ الوِلايةِ كما يَمنعُ مِنها على المالِ، وفي النِّكاحِ وِلايةٌ لا يُؤمَنُ أنْ يَفتنَه عن دِينِه، وربَّما أَلِفَ مِنْ كُفرِها ما يَتعذَّرُ انتقالُه عنه بعدَ بُلوغِه، ولأنها إذا لم تَثبتْ للفاسِقِ فالكافرُ أَولى فإنَّ ضرَرَه أكثَرُ فإنه يَفتنُه عن دِينِه ويُخرِجُه عن الإسلامِ بتَعليمِه الكُفرَ وتَزيينِه له وتَربيتِه عليهِ، وهذا أعظَمُ الضَّررِ، والحَضانةُ إنما تَثبتُ لحَظِّ الوَلدِ، فلا تُشرَعُ على وَجهٍ يَكونُ فيها هَلاكُه وهَلاكُ دِينِه.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٢٤٤)، والنسائي (٣٤٩٥)، وأحمد (٢٣٨١٠).
(٢) «الهداية» (٢/ ٣٨)، و «العناية شرح الهداية» (٦/ ١٨٩)، و «الاختيار» (٤/ ١٨)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٨٠)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٦٥)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٦٢)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢١٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>