وإنْ كانَا صَحيحَينِ كَبيرَينِ أو زَمِنَينِ ففِي وَجهٍ للشَّافعيةِ وللحَنابلةِ: يُقدَّمُ الأبُ على الابنِ إذا كانَ لا يَقدرُ إلا على نَفقةِ أحَدِهما؛ لأنَّ حُرمتَه آكَدُ مِنْ حُرمةِ ابنِه؛ بدَليلِ أنَّ الأبَ لا يُقادُ بابنِه والابنُ يُقادُ بالأبِ.
وقيلَ: الابنُ أحَقُّ بالتَّقديمِ؛ لأنَّ وُجوبَ نَفقةِ الابنِ ثَبتَتْ بنَصِّ الكِتابِ، ووُجوبُ نَفقةِ الأبِ على الابنِ مُجتهَدٌ فيها، وهذا وَجهٌ للشَّافعيةِ وللحِنابلةِ.
وفي وَجهٍ ثالِثٍ للحَنابلةِ: يَتساوَيانِ؛ لتَساوِيهما في القُربِ وتَقابُلِ مَرتبتِهما.
ثمَّ إنْ فضَلَ معَه شَيءٌ وله أبَوانِ أبٌ وأمٌّ ولا يُوجَدُ معَه إلا ما يَكفِي لأحَدِهما فاختَلفَ الفُقهاءُ في ذلكَ، هل يُقدَّمُ الأبُ؟ أمِ الأمُّ؟ أمْ يَستويانِ؟
فذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في المَذهبِ وبَعضُ الحَنفيةِ إلى أنه يُقدَّمُ الأبُ على الأمِّ؛ لإضافةِ النبيِّ ﷺ الولَدَ ومالَه إليه بقَولِه:«أنتَ ومالُكَ لأبيكَ»، ولأنَّ الأبَ يُساوِيها في الوِلادةِ ويَنفردُ بالتَّعصيبِ،
(١) حَدِيثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٣٩٥٧)، والنسائي (٤٦٥٣)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢٤٤٥، ٢٤٥٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٣٣٤٢).