ثمَّ قالَ: إنه يُتحدَّثُ إليها، انزِلي على ابنِ أمِّ مَكتومٍ فإنه أعمَى» (١).
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فإنْ قيلَ: فقدْ أنكَرَ عليها عُمرُ وقالَ: «ما كُنَّا لِنَدَعَ كتابَ ربِّنا وسُنةَ نَبيِّنا لقَولِ امرأةٍ لا نَدرِي أصَدقَتْ أم كذَبَتْ»، وقالَ عُروةُ:«لقدْ عابَتْ عائِشةُ ذلكَ أشَدَّ العيبِ، وقالَ: إنها كانَتْ في مَكانٍ وَحشٍ فخِيفَ على ناحِيتِها»، وقالَ سَعيدُ بنُ المُسيبِ: تلكَ امرَأةٌ فتَنَتِ الناسَ، إنها كانَتْ لَسِنةً فوُضعَتْ على يَديِ ابنِ أمِّ مَكتومٍ الأعمَى.
قُلنا: أما مُخالَفةُ الكتابِ فإنَّ فاطِمةَ لمَّا أنكَرُوا عليها قالَتْ: «بَيني وبَينَكُم كتابُ اللهِ، قالَ تعالَى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)﴾ [الطلاق: ١]، فأيُّ أمرٍ يُحدِثُ بعدَ الثَّلاثِ؟! فكيفَ تَقولونَ:«لا نَفقةَ لها إذا لم تَكنْ حامِلًا»، فعَلامَ تَحبسونَها؟ فكيفَ تُحبَسُ امرأةٌ بغيرِ نَفقةٍ؟!
وأما قَولُهم:«إنَّ عُمرَ قالَ: «لا نَدعُ كِتابَ ربِّنا»» فقدْ أنكَرَ أحمَدُ هذا القولَ عن عُمرَ، قالَ: ولكنَّه قالَ: «لا نُجيزُ في دِينِنا قولَ امرأةٍ»، وهذا مُجمَلٌ على خِلافِه، وقد أخَذْنا بخبَرِ فُريعةَ وهي امرأةٌ، وبرِوايةِ عائِشةَ وأزواجِ رَسولِ اللهِ ﷺ في كَثيرٍ مِنْ الأحكامِ، وصارَ أهلُ العِلمِ إلى خبَرِ فاطِمةَ هذا في كَثيرٍ مِنْ الأحكامِ، مثلَ سُقوطِ نَفقةِ المَبتوتةِ إذا لم تَكنْ حامِلًا، ونَظرِ المَرأةِ إلى الرِّجالِ، وخِطبةِ الرَّجلِ على خِطبةِ أخيه إذا لم تَكنْ سكَنَتْ إلى الأولِ.
(١) حَدِيثٌ صَحيحٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢٧١٤٥، ٢٧٣٨٩)، والنسائي (٣٤٠٣).