فيَفرضُ لها على قَدرِ كِفايتِها على قَدرِ يُسرِهما وعُسرِهما وما جرَتْ عادةُ أمثالِهما به مِنْ الكِسوةِ، فيَجتهدُ الحاكمُ في ذلكَ عندَ نُزولِ الأمرِ كنَحوِ اجتِهادِه في المُتعةِ للمُطلَّقةِ وكما قُلنَا في النَّفقةِ.
فيَفرضُ للمُوسِرةِ تحتَ المُوسرِ مِنْ أرفَعِ ثيابِ البلدِ مِنْ الكتَّانِ والخَزِّ والأبريسَمِ، وللمُعسِرةِ تحتَ المُعسرِ غَليظَ القُطنِ والكتَّانِ، وللمُتوسِّطةِ تحتَ المُتوسِّطِ مِنْ ذلكَ، فأقلُّ ما يَجبُ مِنْ ذلكَ قَميصٌ وسَراويلُ ومَقنعةٌ ومَداسٌ وجُبَّةٌ للشِّتاءِ، ويَزيدُ مِنْ عَددِ الثيابِ ما جرَتِ العادةُ بلُبسِه ممَّا لا غِنى عنه دونَ ما للتجمُّلِ والزِّينةِ، والأصل في هذا قَولُ اللهِ ﷿: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وقَولُ النَّبيِّ ﷺ:«لهُنَّ عليكُم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمَعروفِ»، والكِسوةُ بالمَعروفِ هي الكِسوةُ التي جَرتْ عادةُ أمثالِها بلُبسِه، وقَولُ النبيِّ ﷺ لهِندَ:«خُذِي ما يَكفيكِ ووَلدَكِ بالمَعروفِ»(١).
وقالَ الحَنفيةُ: كِسوتُها دِرعانِ وخِمارانِ ومِلحفةٌ، وإذا كانَ مُعسرًا يُفرَضُ عليهِ في الشِّتاءِ دِرعٌ هَرويٌّ ومِلحفةٌ وخِمارٌ وكِساءٌ، وفي الصَّيفِ دِرعٌ وخِمارٌ ومِلحفةٌ، وإنْ كانَ مُوسرًا يُفرضُ عليه في الشتاءِ درعٌ هَرويٌّ ومِلحفةٌ دَينوريَّةٌ وخِمارُ إبريسَمٍ وكِساءٌ، ولخادمِها قَميصٌ وإزارٌ وكِساءٌ، ويُفرضُ لها في الصَّيفِ درعٌ سابُوريٌّ وخِمارُ إبريسَمٍ ومِلحفةٌ، ولو فُرضَ لها الكِسوةُ