للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَجوزُ لمَحارمِها النظرُ إليهِ، فثبَتَ أنَّ هذهِ شهادةٌ مما يطَّلعُ عليه الرِّجالُ، فلا يُقبلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ على الانفِرادِ؛ لأنَّ قَبولَ شَهادتِهنَّ بانفِرادِهنَّ في أصولِ الشرعِ للضَّرورةِ، وهي ضَرورةُ عَدمِ اطِّلاعِ الرِّجالِ على المَشهودِ بهِ، فإذا جازَ الاطِّلاعُ عليه في الجُملةِ لم تَتحقَّقِ الضرورةُ.

فإذا شَهِدوا بذلكَ فُرِّقَ بينَهُما، فإنْ كانَ قبلَ الدُّخولِ فلا مهرَ لها، وإنْ كانَ بعدَه فلَها الأقلُّ مِنْ المُسمَّى ومِن مهرِ المِثلِ، وليسَ لها في العدَّةِ نَفقةٌ ولا سُكنى.

فإنْ شَهدَتِ امرأةٌ على الرضاعِ فالأفضَلُ للزَّوجِ أنْ يُفارِقَها؛ لحَديثِ عُقبةَ ابنِ الحارِثِ قالَ: «تَزوَّجتُ امرأةً فجاءَتْنا امرأةٌ سَوداءُ فقالَتْ: أرضَعْتُكما، فأتَيتُ النبيَّ فقُلتُ: تَزوَّجتُ فُلانةَ بنت فُلانٍ فجاءَتْنا امرَأةٌ سَوداءُ فقالَت لي: إني قد أرضَعْتُكما، وهي كاذِبةٌ، فأعرَضَ عنِّي، فأتَيتُه مِنْ قِبَلِ وَجهِه قلتُ: إنها كاذِبةٌ، قالَ: كيفَ بها وقد زعَمَتْ أنها قد أرضَعَتْكما؟ دَعْها عنكَ» (١)، وفي لفظٍ للنَّسائيِّ (٢): «فأتَيتُه مِنْ قِبَلِ وَجهِه فقُلتُ: إنها كاذِبةٌ، فقالَ: كَيفَ وقدْ زعَمَتْ أنها قد أرضَعَتْكما؟ خَلِّ سَبيلَها».

فإنَّما أمَرَه النبيُّ على طَريقِ التَّنزُّهِ، ألَا تَرى أنه أعرَضَ عنه أولًا وثانيًا، ولو وجَبَ التَّفريقُ لَمَا أعرَضَ عنه، ولَأمَرَه بالتفريقِ في أوَّلِ سُؤالِه، فلمَّا لم يَفعلْ دَلَّ على أنه أرادَ به التنزُّهَ.


(١) أخرجه البخاري (٤٨١٦).
(٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>