للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكَرَ عبدُ الرزَّاقِ عن ابنِ جُريجٍ قالَ: سَمعتُ عَطاءً يُسألُ قالَ له رَجلٌ: سَقَتْني امرأةٌ مِنْ لَبنِها بعدَ ما كنتُ رَجلًا، أفَأنكِحُها؟ قالَ: لا، قلتُ: ذلكَ رأيُكَ؟ [قالَ: نعمْ]، قالَ عَطاءٌ: كانَتْ عائِشةُ تَأمرُ به بناتِ أخيها.

قالَ أبو عُمرَ: هكذا رَضاعُ الكَبيرِ كما ذكَرَ عَطاءٌ، يُحلبُ له اللبنُ ويُسقاهُ، وأما أنْ تُلقِمَه المَرأةُ ثَديَها كما تَصنعُ بالطِّفلِ فلا؛ لأنَّ ذلكَ لا يَنبغي عندَ أهلِ العِلمِ.

وقد أجمَعَ العُلماءُ على التَّحريمِ بما يَشربُه الغُلامُ الرَّضيعُ مِنْ لَبنِ المَرأةِ وإنْ لم يَمصَّه مِنْ ثَديِها (١).

واحتَجُّوا على جَوازِ ذلكَ بقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣] مِنْ غَيرِ فَصلٍ بينَ حالِ الصِّغرِ والكِبَرِ.

ولِما رَواهُ عُروةُ بنُ الزُّبيرِ «أنَّ أبا حُذيفةَ بنَ عُتبةَ بنَ رَبيعةَ وكانَ مِنْ أصحابِ رَسولِ اللهِ ، وكانَ قد شَهدَ بَدرًا، وكانَ تَبنَّى سالمًا الذي يقالَ له سالمٌ مولَى أبي حُذيفةَ كما تَبنَّى رَسولُ اللهِ زيدَ بنَ حارثةَ، وأنكَحَ أبو حُذيفةَ سالمًا وهو يَرى أنه ابنُه أنكَحَه بنتَ أخيهِ فاطِمةَ بنتَ الوليدِ بنِ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ، وهي يَومئذٍ مِنْ المُهاجِراتِ الأوَلِ، وهي مِنْ أفضَلِ أيامَى قُريشٍ، فلمَّا أنزَلَ اللهُ تعالَى في كِتابهِ في زَيدِ بنِ حارثةَ ما أنزَلَ فقالَ: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ


(١) «الاستذكار» (٦/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>