للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما حَديثُ سالمٍ الآتي ذِكرُه فالجَوابُ عن التعلُّقِ به مِنْ وَجهينِ:

أحَدُهما: يُحتملُ أنه كانَ مَخصوصًا بذلكَ، يَدلُّ عليهِ ما رُويَ «أنَّ سائِرَ أزواجِ رَسولِ اللهِ أبَيْنَ أنْ يَدخلَ عليهِنَّ بالرَّضاعِ في حالِ الكِبَرِ أحدٌ مِنْ الرجالِ وقُلنَ: ما نرَى الذي أمَرَ به رَسولُ اللهِ سَهلةَ بنتَ سُهيلٍ إلا رُخصةً في سالمٍ وحْدَه».

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : وإني قد حَفظتُ عن عدَّةٍ ممَّن لَقيتُ مِنْ أهلِ العِلمِ أنَّ رَضاعَ سالمٍ خاصٌّ، فإنْ قالَ قائلٌ: فهلْ في هذا خبَرٌ عن أحَدٍ مِنْ أصحابِ النبيِّ بما قُلتَ في رَضاعِ الكَبيرِ؟ قيلَ: نعمْ.

أخبَرَنا مالكٌ عن أنسٍ عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ قالَ: «جاءَ رَجلٌ إلى ابنِ عُمرَ وأنا معَه عندَ دارِ القَضاءِ يَسألُه عن رَضاعةِ الكَبيرِ، فقالَ ابنُ عُمرَ: جاءَ رَجلٌ إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ فقالَ: كانَتْ لي وَليدةٌ فكُنتُ أطَؤُها، فعمَدَتِ امرَأتي إليها فأرضَعَتْها، فدَخَلتُ عليها فقالَتْ: دونَكَ، فقدْ واللهِ أرضَعْتُها، فقالَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ: أَوجِعْها وائْتِ جاريتَكَ، فإنَّما الرَّضاعُ رَضاعُ الصغيرِ» (١).

فهذا يَدلُّ على أنَّ سالمًا كانَ مَخصوصًا بذلكَ، وما كانَ مِنْ خُصوصيةِ بعضِ الناسِ لمعنًى لا نَعقلُه لا يَحتملُ القياسَ، ولا نَتركُ به الأصلَ المقرَّرَ في الشرعِ.

والثاني: أنَّ رَضاعَ الكبيرِ كانَ مُحرِّمًا ثم صارَ مَنسوخًا بما روينَا مِنْ الأخبارِ.


(١) «الأم» (٥/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>