للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقوا على أنَّ رَضاعَ الكَبيرِ غيرُ مُحرِّمٍ (١).

وحَدُّ الصَّغيرِ عند أبي يُوسفَ ومُحمدٍ مِنْ الحَنفيةِ والإمامِ مالكٍ في «المُوطَّأ» والشافِعيةِ والحَنابلةِ: ما كانَ في الحَولينِ، ولا يُحرِّمُ ما بعدَ ذلكَ.

وحَدُّه عندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ: ثَلاثونَ شَهرًا، ولا يُحرِّمُ بعدَ ذلكَ.

وعندَ المالِكيةِ في المَشهورِ: ما كانَ في الحَولينِ أو بزِيادةِ ما قَرُبَ منهُما ممَّا له حُكمُه كالشَّهرِ والشَّهرينِ، وقد تقدَّمَ تَفصيلُ هذا في المَسألةِ المُتقدِّمةِ.

فلا تَثبتُ الحُرمةُ ولا أثَرَ للرضاعِ بعدَ هذهِ المُدةِ باتِّفاقِهم جَميعًا، واستَدلُّوا على أنه لا تَثبتُ ولا تَنتشرُ الحُرمةُ بعدَ هذه المُدةِ بما يَلي:

بقَولِ النبيِّ : «لا يُحرِّمُ مِنْ الرَّضاعِ إلا ما فتَقَ الأمعاءَ وكانَ قبلَ الفِطامِ» (٢)، ورَضاعُ الصَّغيرِ هو الذي يَفتقُ الأمعاءَ لا إرضاعُ الكَبيرِ؛ لأنَّ أمعاءَ الصغيرِ تكونُ ضَيقةً لا يَفتقُها إلا اللَّبنُ؛ لكَونِه مِنْ ألطَفِ الأغذِيةِ كما وصَفَه اللهُ تعالَى في كِتابِه الكَريمِ بقَولِه ﷿: ﴿لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (٦٦)[النحل: ٦٦]، فأما أمعاءُ الكَبيرِ فمُنفتِقةٌ لا تَحتاجُ إلى الفَتقِ باللَّبنِ، ورُويَ عنه أنه قالَ: «لا رَضاعَ بعدَ فِصالٍ».

وعن مَسروقٍ أنَّ عائِشةَ قالَتْ: «دخَلَ عليَّ النبيُّ وعندِي رَجلٌ، قالَ: يا عائِشةُ مَنْ هذا؟ قلتُ: أخِي مِنْ الرَّضاعةِ، قالَ: يا


(١) «الإفصاح» (٢/ ٢٠٤).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (١١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>