للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على رَكعتَينِ قبلَ الفَجرِ» (١). وفي لَفظٍ: «ولم يكن يَدعُهُمَا أَبَدًا» (٢).

وقالَ النَّبيُّ : «رَكعتَا الفَجرِ خَيرٌ من الدُّنيا وما فيها» (٣).

قالَ ابنُ القَيِّمِ : «ولذا لم يَدعها -يَعني النَّبيَّ هي والوِترَ، سَفرًا ولا حَضرًا، وكانَ في السَّفرِ يُواظِبُ على سُنَّةِ الفَجرِ والوِترِ أشَدَّ من جَميعِ النَّوافِلِ دونَ سائرِ السُّننِ، ولم يُنقَل عنه في السَّفرِ أنَّه صلَّى سُنَّةً راتِبةً غيرَهما» (٤).

ومِن هذه السُّننِ ما يَتقدَّمُ على الفَرائِضِ، ومنها ما يَتأخَّرُ عنها.

قال ابنُ دَقيقِ العِيدِ : في تَقدُّمِ النَّوافِلِ على الفَرائِضِ وتَأخيرِها عنها مَعنًى لَطيفٌ مُناسِبٌ، أمَّا في التَّقديمِ فلِأَنَّ الإنسانَ يَشتَغِلُ بأُمورِ الدُّنيا وأسبابِها فتَتكيَّفُ النَّفسُ في ذلك بحالةٍ بَعيدةٍ عن حُضورِ القَلبِ في العِبادةِ، والخُشوعُ فيها هو رُوحُها، فإذا قُدِّمتِ السُّننُ على الفَريضةِ تَأنَّستِ النَّفسُ على العِبادةِ، وتَكيَّفَت بحالةٍ تُقرِّبُ من الخُشوعِ، فيَدخلُ في الفَرائِضِ على حالَةٍ حَسَنةٍ لم تكُن تَحصُلُ له لو لم تُقدَّمِ السُّنةُ، فإنَّ النَّفسَ مَجبولةٌ على التَّكَيُّفِ بما هي فيه، لا سِيَّمَا إذا أكثرَ أو أطالَ، ووُرودُ الحالةِ المُنافِيةِ لمَا قبلَها قد يَمحو أثَرَ الحالةِ السابقةِ أو يُضعِفُه.

وأمَّا السُّننُ المُتأخِّرةُ فلمَا وردَ أنَّ النَّوافِلَ جابِرةٌ لِنُقصانِ الفَرائِضِ، فإذا


(١) رواه البُخاري (١٠٩٣)، ومُسلِم (١١٩١).
(٢) رواه البُخاري (١١٥٩).
(٣) رواه مُسلِم (٧٢٥).
(٤) «زادُ المَعادِ» (١/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>