للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفَتحِ الفاءِ واللامِ، وهي فُرجةٌ بينَ الثَّنايا والرَّباعياتِ، وتَفعلُ ذلكَ العَجوزُ ومَن قاربَتْها في السنِّ إظهارًا للصِّغرِ وحُسنِ الأسنانِ؛ لأنَّ هذه الفُرجةَ اللِّطيفةَ بينَ الأسنانِ تكونُ للبَناتِ الصِّغارِ، فإذا عجَزَتِ المَرأةُ كَبُرتْ سِنُّها وتَوحَّشتْ فتَبردُها بالمِبردِ لتَصيرَ لَطيفةً حَسنةَ المَنظرِ وتُوهِمَ كونَها صَغيرةً، ويُقالَ له أيضًا: الوَشْرُ، ومنه «لعَنَ الواشِرةَ والمُستوشِرةَ»، وهذا الفِعلُ حَرامٌ على الفاعِلةِ والمَفعولِ بها؛ لهذهِ الأحاديثِ، ولأنه تَغييرٌ لخَلْقِ اللهَ تعالَى، ولأنه تَزويرٌ ولأنه تَدليسٌ.

وأمَّا قولُه: «المُتَفلِّجاتِ للحُسْنِ» فمَعناهُ: يَفعلْنَ ذلكَ طلَبًا للحُسْنِ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ الحرامَ هو المَفعولُ لطَلبِ الحُسنِ، أمَّا لو احتَاجَتْ إليه لعِلاجٍ أو عَيبٍ في السِّنِّ ونحوِه فلا بأسَ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : قالَ الطبَريُّ : في هذا الحَديثِ البيانُ عن رَسولِ اللهِ أنه لا يَجوزُ لامرأةٍ تَغييرُ شَيءٍ مِنْ خَلْقِها الذي خلَقَها اللهُ عليهِ بزيادةٍ فيه أو نَقصٍ منه التماسَ التحسُّنِ بهِ لزوجٍ أو غيرِه؛ لأنَّ ذلكَ نَقضٌ منها خلْقَها إلى غيرِ هَيئتِه، وسواءٌ فلَجَتْ أسنانَها المُستويةَ الثنيةَ ووشَرَتْها، أو كانَتْ لها أسنانٌ طِوالٌ فقطعَتْ طلَبًا للحُسْنِ، أو أسنانٌ زائِدةٌ على المَعروفِ مِنْ أسنانِ بِنتِ آدَمَ فقلَعَتِ الزَّوائدَ مِنْ ذلكَ بغيرِ علَّةٍ إلا طلَبَ التحسُّنِ والتجمُّلِ، فإنها في كلِّ


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٤/ ١٠٦، ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>